تاريخ الفلسفة الغربية والمعاصرة.
من اليونان, الإسلام, العصور الوسطى (4-14), فلسفة عصر النهضة, القرن 18, 19, التنوير, المعاصرة
تنقسم دراسة تاريخِ الفلسفةِ تقليدياً إلى ثلاث مراحل: العصور اليونانية القديمة، القرون الوسطى ((ما بين القرن 5 - 15) )، والعصور الحديثة (منذ غزو القسطنطينية سنة 1453)
الخطة الدراسية
قضايا الفلسفة المعاصرة ومناهجها
<حديث يشير الى مجموعة من الأحداث التي يمكن تقييمها والحكم عليها من وجهة نظر بعيدة تسبيا لضمان منظور تاريخي ملائم . أما معاصر فيشير إلى الظواهر التي لا تزال تؤثر علينا والتي لا يمكن، الحكم عليها بطريقة موضوعية.>
<فلسفة معاصرة>
وتشمل مواضيع : الذات ومركزيتها عبر التاريخ الفلسفي: الفلسفة اليونانية, ديكارت (1596 – 1650) وكانط (1724 - 1804) وهيجل (1770-1831). الوجودية(جان بول سارتر(1905- 1980)), الفينومنولوجيا, البنوية.
2. المنهج الفلسفي
الاتجاة التحليلي في المنهج
الاتجاة الوصفي المنطقي
كولينكود Collingwood ومنهجه التاريخي من صفحة 43 حتى 59 وحتى 129
3. المنهج التاريخي
a. طبيعة المعرفة التاريخية, المرجع كولينكود,
b. موضوع التاريخ , فكرة التاريخ
c. الفهم التاريخي 488 – 550
d. التقدم التاريخي
e. نقد كولينكود ل ديلتاد
4. المنهج في العلوم الانسانية
a. المنهج التاريخي ونقد كارك بوبرت
b. نقد المنهج الطبيعي
c. نقد دعوى تاريخيا
d. منطق الموقف في التاريخ
e. معنى التاريخ,
مراجع كارك بوبرت, كتاب عقم المذهب التاريخي, ترجمة عبد الحميد صبرة
f. بؤس الايدولوجيا
g. الحياة باسرها حلول المشاكل, ترجمة بهاء درويش
مركز النشر (بوابة شمالية)
1. قضايا الفلسفة المعاصرة
a. طرق المعرفة
b. الحكمة, الاعتماد على الذات
محاضرة 1
العلم لم يكن يتقدم وفقط في اواخر القرون الوسطى ظهرت بدايات منهج جديدي سمي تجريبي مثل روجر بيكون الذي قلل من دور الذات, وفرانسيس بيكون؛ اسحاق النور, يعتبر- من الفلاسفة التجريبيون الذي قال ان المنهج هو الطريقة, التي تنص على التخلص من الاوهام الاربعة التي كانت تسيطر على العلماء في العصور الوسطى.
ومن ثم عادوا الى الحواس واهميتها من خلال علماء مثل ديكارت. ولكن الذات عند ديكارت كانت ناقصة (مثلا النوم والجوع) وبالتالي فهناك خالق. وأيضا كانت يندرج في المدرسة العقلية, أي يعتمد على الذات ويختلف عن ديكارت بان الذات ليست بحاجة الى ضامن, وقال كل ما هو واقعي يكون عقلي. وتشمل هذه المدرسة أيضا هيجل. الذي أكد ان كان ما هو واقعي يكون عقلي , اي الاعتماد الكلي على الذات للحصول على المعرفة. الذات غير متناهية وتستطيع ايضا البحث في المطلق وتوصل للقول بان الطبيعة هي اللة
بعد هيجل اتت الفلسفات المتأثرة بالعلم (اي العالم الواقعي) وسميت فلسفات واقعية كما الفلسفة التحليلية , جورج مور, الفلسفة الوضعية, الفلسفة الوجودية.
كولينكود تأثر بمنهجية هيجل ولكنة مؤرخ
محاضرة 3
البحث العلمي > الفلسفة التجريبية. ولكن هناك من يريد اعادة فلسفة العقل السابقة مثل هيجل, الذي اراد ابراز الذات في البحث عن الحقيقة. الذات الفردية التي تستطيع الوصول الى المطلق. هيجل كان نقطه مرجعية لمن بعده مثل كولينجوود الذي درس فلسفة التاريخ (دراسة التاريخ من خلال الفكر(تعريف هيجل)).
بعد هيجل أتت الفلسفات الواقعية كردة فعل. من ضمنها الفلسفة التحليلية والوجودية والوضعية التي تأثرت بالعلم وليس في الميتافيزيقا ( ما وراء الطبيعة ).
الواقعية هي في البحث عن الذات في لحمها ودمها (e’ vera questa affermazione ?). البحث في الذات الفردية وليست الكلية كما فعل هيجل. جورج ودمور وبرنارد رسل من فلاسفة المذهب التحليلي.
كولينجوود وجد نفسه بين هذه الفلسفات الواقعية ولكن يمكن اعتبارة امتداد لفلسفة هيجل المثالية. وخصوصا اهتم بالمعرفة التاريخية وسمى منهجه المنهج التاريخي. كولينجوود معاصر للحرب العالمية الاولى (؟). ولذلك لا يمكن ان يكون ذاتي بل واقعي (qui c’e contraddizione).
المثالية تركز على دور العقل في المعرفة. وجذورها عند افلاطون والتي كانت تتمثل في "المثل" .
جورج باركي كان يريد ان يعمل مدرسة للتبليغ المسيحي.
فيشر المثالية في روسيا
هيجل: ما هو عقلي واقعي وما هو واقعي عقلي (contraddizione)
بعد هيجل كان هناك اليمينيون المحافظون (علم اللاهوت), واليساريين مثل ماركس, والوسطيين الذين كانوا يركزوا على الفلسفة في حد ذاتها.
المثالية الجديدة (جامعة اكسفورد). ما هي الفكرة الرئيسية لهذا المذهب ؟, وما الذي يفرقها عن فلسفة هيجل؟, وهل كانت فقط تطبيق لفلسفة هيجل.
افلاطون : مثالية
ارسطو: واقعية.
الواقعية الجديدة اهتمت بالمنهج العلمي. جورج مور فند المثالية الجديدة.
+++دراسة الدوسية من صفحة 55 الى 88+++
محاضرة4 - 11/10/2012
بالنسبة للابحاث
عقم المنهج التاريخي
بؤس الايدولوجيا
ترجمتين لنفس الكتاب poverty historicism ل Popert
الابحاث تتناول النقاط , 6, 7, 5
جميع الطلاب يجب ان يلخصوا من الدوسية 15 صفحة (assumere 15 pagine leggendo tutta la dispensa, o assumere 15 pagina della dispensa ?)
في المحاضرة السابقة تحدثنا عن المدرسة الواقعية والمدرسة المثالية, وقلنا ان كولينكوود تأثر بهيجل وان الواقعية هاجمت الفلسفات الميتافيزيقية وبالتالي هيجل.
المثالية كانت في ابراز الذات أما الواقية فقد وجدت في مرحلة تقدم العلم.
مثلا الواقعية ارادت محاكاة العلم ولهذا فقد تخلت عن دور الفلسفة السابق من خلال التقليل من شأن الذات في عملية المعرفة.
وفي هذا قال كولينجود ان هناك ازمة تعاني منها الفلسفة وهي بحاجة الى حل. الذي ينص على تصحيح المنهج.
والفلاسفة لم يتوقفوا عما فعل ديكارت وكانت. وقال كولينجوود ان ازمة الفلسفة هي أزمة منهج (a ridaie)
]ديكارت انتقض فلسفة العصور الوسطى لانها بدون منهج صحيح في التفكير. وهذا ما حاول عمله ديكارت في كتابه التاملات , حيث وضع معالم المهج الجديد الذي يريده للفلسفة. وفي حديثه عن هذا المنهج قال نقطتين مهمتين:
الجانب السلبي: لا بد من الوقفة التي تتطلب موقف الشك المنهجي ولا بد من الفيلسوف ان يشكك في كل ما لديه من معرفة سواء كانت بالحواس او بالاعتماد على العقل. وايضا كولينجوود كان له موقف مشابه
الجانب الايجابي: لا بد ان يتوقف على ارض صلبة. كما عندما قال, أنا أشك فأنا موجود. أي وضع قواعد معينة للمنهج ومن يتبعه يستطيع ان يتقدم في معرفته.
وهذا لان كولينجوود يتوقف في كتابه على ديكارت وكانط
هذا الاخير معجب بكولينجوود لانه واجه الجانب المنهجي
نقد كانط في زمانه الاتجاهين التجريبي والعقلي, ووضع منهج جديد في كتبة
"نقد العقل الخالص"
و "نقد القل العملي "
كانط سمى منهجة الفلسفة المتعالية (Transcendentalism)
كما قلنا في زمن كانط كان هناك اتجاهين: التجريبي والعقلي. كانك اراد ان يتوسطهما بفلسفته. ورأى ان الفلسفة في وضعها الحالي فيها تطرف وانها بحاجة الى منهج جديد. لتصحيح مسيرة الفلسفات. لتصبع لا تجريبية خالصة ولا عقلية خالصة. كانط كان معجب بديكارت ولكنه انتقده في تطرفه. لان العقل بالنسبة لكانط متناهي ومحدود. وقال ان هناك تطرف ايضا في المنهج التجريبي لانه يقلل من من شأن العقل والذات. مثل انتقاده ل جون لود وديفيد هيوم الذين قالوا ان العقل لا يعمل الا ضمن معطيات حسية.
كانط يريد ان يعطي اهمية للعقل. وقال انه ينبوع المعرفة.
أي بين مثالية ديكارت وتجربية هيوم وضع كانط فلسفته المتعالية . التي لا تبتعد عن الواقع ولا تهمش العقل. لان المعرفة تجريبية وايضا عقلية. منهجية كانط كانت نقدية. مضمونها هذا العالم وليس الميتافيزيقي.
وبالمثل ايضا كولينجوود قال ان المشكلة هي في المنهج وحاول تقديم حلول. في كتابه "مقال عن المنهج الفلسفي" الذي يتضمن نقطتين اساسيتين:
؟
؟
كولينجوود يريد ان يستعيد الفلسفة التي همشها العلم. وقال ان الفلسفة هي فكر بنمط خاص لا يجب ان تحاكي العلم وان تتخلى عن دورها, ولا بد ان يكون لها منهجها الخاص بها, لان هناك اختلاف بين الفلسفة والعلم
مراجع
كتاب :مقال في المنهج الفلسفي_كولنجوود_3.pdf
محاضرة5- 8/11/2012
- جمل مفتاحية
البحث يجب ان لا يزيد عن 15 صفحة, ويتناول الفصول 5, 6, 7
كولينجود في كتابه الاول قال ان الفلسفة بحاجة الى منهج خاص, وخصوصا في المرحلة التي كان في عصره تسود الفلسفة الواقعية
<<الفلسفة الواقعية :جاءت الفلسفة الواقعية كردة فعل للفلسفة المثالية ، فخالفتها في نظرتها إلى العالم الخارجي ولطبيعة الإنسان ، فبينما كانت المثالية ترى أن العقل مصدر الحقائق ، فإن الواقعية ترى أن الحواس أداة الوصول إلى الحقيقة ، وأن الواقع المادي المحسوس هو مصدر الحقائق ، وأنه يملي أوامره على العقل ، ومن أبرز فلاسفتها ( أرسطو ) و ( جون لوك ) . مبادئها : ترجع تسمية الواقعية إلى الاعتقاد بحقيقة المادة ، والحقيقة موجودة في عالم الأشياء الفيزيقية ، ووجودها حقيقي وواقعي كالهواء والحيوان والإنسان ، وهي موجودة وجوداً حقيقياً مستقلاً عن العقل . تؤمن الواقعية بالحقائق الخالدة والثابتة التي لا تقبل التغيير ، وترى أن مصدر القيم والأخلاق ليس بعيداً عن عالم الواقع .العالم له وجود حقيقي لم يصنعه الإنسان ، وهذا العالم يمكن التعرف إليه بالعقل والحواس معاً ، ومعرفة هذا العالم مهمة في توجيه السلوك الإنساني . معرفتنا بحقائق العالم تتزايد بالاكتشاف والتحليل الموضوعي والتفسيرات العلمية ، وقد أدرك فلاسفة الواقعية أهمية الطريقة العلمية والتجريب في معرفة الأشياء . يرى أنصار الواقعية أن المجتمع يسير وفق قوانين طبيعية لا تتغير ، وكلما أطاع الإنسان هذه القوانين واحترمها كان المجتمع ناجحاً . التربية عند الواقعيين تسعى إلى مساعدة الإنسان على التكيف مع بيئته ، وحتى يتم التكيف الفعال ينبغي على الإنسان أن يفهم عالمه الذي يعيش فيه جيداً . يرى الواقعيون أن محور التربية هو المادة الدراسية التي تتيح للمتعلم فهم العالم الفيزيقي المحيط به >>.
العلوم الانسانية تضمن الفلسفة أما العلوم الطبيعية تضمن العلم. العلوم الانسانية هي علوم تاريخية ثقافية تتميز عن العلوم الطبيعية. لانها علوم حية اي يمكن ان تحيا. يوجد فيها علم الحياة, عالم العلوم العقلية, عالم التجربة الانسانية. العالم فيها يبحث عن امور خارجية ولكن من داخلها. أي التجربة الانسانية المحيطة بالافعال الانسانية.
تهتمّ العلوم الإنسانية – الفلسفة وعلم اللاهوت والأدب والتأريخ - بتسجيل إنجازات الإنسان القيّمة وما يعتبر ذو قيمة في المجالات المختلفة من الحياة الإنسانية. إنّ قاعدة كلّ القيم النسبية للحياة هو المطلق، الذي هو المصدر ونهاية كلّ شيء. لذلك ومن دون المعرفة الصحيحة للمطلق، سيبقى التقدّم في حقل العلوم الإنسانية ناقصاً
تدرس علوم الطبيعة – الفيزياء والكيمياء وعلم الأحياء وعلم طبقات الأرض وعلم الفلك - الكون في أوجهه المختلفة للانتظام في مستويات الجزيئات الذرّية والذرّة والخلايا والأعضاء للخليقة الموضوعية. تهتم بالطريق التي فيها تعمل المادة والطاقة لإظهار النواحي المختلفة للخليقة. إن غاية هذه العلوم في إعطاء الإنسان درجة معينة من التحكم بهذه القوى من أجل تحسين حالة المادّية الخاصة. وبشغفها للوصول إلى النواحي المرهفة في الخليقة، وفي النهاية إيجاد السبب النهائي للخليقة، تتطلّع علوم الطبيعة إلى استعمال هذه المعرفة للسبب النهائي للخليقة من أجل السيطرة على الظواهر المختلفة وبذلك جعل الإنسان سيداً للكون
موضوع البحث في العلوم الطبيعية يبقي مستقل عن الباحث. وكما وصف كولينجوود الفرق بين العلوم الطبيعي والانسانية, قال انه مماثل للفرق بين مصطلح التفسير explain ومصطلح الفهم understand
المعرفة التاريخية حسب رأي دلتاي (Wilhelm Dilthey) هي ذات طبيعة خاصة حيث معرفة التجربة الانسانية تشمل الميول والرغبات والاحاسيس وخصوصا عالم الافكار والمعاني. أما عالم التجربة بالنسبة ل كولينجود (Collingwood) فيركز على هاتين الاخرتين ولا يهتم بالاحاسيس.
Diversamente dalle scienze naturali, che tendono a rivelare le uniformità del mondo grazie al loro oggetto che è esterno all'uomo e viene compreso attraverso la spiegazione di un fenomeno, le scienze dello spirito tendono a vedere l'universale nel particolare indagando all'interno dell'uomo, esse comprendono un fenomeno.
Nell'opera "Il contributo allo studio dell'individualità", Dilthey definisce che l'oggetto del comprendere è l'individualità, che viene studiata attraverso l'utilizzo dei tipi e delle loro relazioni interne.
Negli "Studi per la fondazione delle scienze dello spirito" e nella "Costruzione del mondo storico" lo stesso Dilthey afferma: « Il comprendere è il ritrovamento dell'io nel tu;
ماذا يمكننا ان نعرف عن الماضي وكيف يمكن ان نعرفه ؟
ماذا يعني مصطلح التمثل بالنسبة لكولينجوود ؟ (<فتمثل لها بشرا سويا, أي تجسد>). أي التجسد الافتراضي الذي يساعده على تصور نفسه في حدث تاريخي ما.
(cercare la risposta in questo libro >>Google-Books )
in cui ho trovato quanto segue:
يقول كولينجوود : فهم التاريخ من قبل الكاتب يكمن في إعادة إحياء خبرة الماضي. لنفترض ان المؤرخ يقرأ مدونة ثيودوسيوس القانونية (عام 438 ميلادية) . فعمليه قراءة الكلمات وترجمتها لا تعني فهم المعنى التاريخي. ومن اجل هذا يجب على المؤرخ ان يحيي نفس الظروف ليعيش نفس دور الإمبراطور ليقرر كيف يمكن مواجهة حدث تاريخي معين. وهكذا فالمؤرخ يحيي في ذاته خبرة الإمبراطور للحصول على المعرفة تاريخية الصحيحة.
هل المعرفة التي يريدها كولينجوود هي كتلك الموصوفة من قبل كروتشه: "الماضي في الحاضر"
ما هي أوجه الاختلاف والتشابه بين دلتاي و كولينجوود؟
لماذا كولينجوود انتقد دلتاي لانه اقترب من العلم ؟. ربما لانه قرب الفلسفة من البعد النفسي ؟
دلتاي كان يركز على حادثة جزئية فردية دون الاهتمام بالتطورات السابقة واللاحقة لتلك الحادثة
دلتاي يحدثنا عن عالم التجربة بطريقة ليست وصفية بل ... non si capisce
قال دلتاي ان هناك الحاجة الى عملية تقمص لمعرفة الاحداث التاريخية ولكن من عيوب من هذه العملية كما يقول كولينجوود انها تعرفنا بشخصية واحدة فقط. الطريقة الصحيحة بالنسبة لهذا الاخير هي استحضار عالم الافكار.
هناك نقطة تجمع ديلتاي بالعلم , ما هي ؟
دراسة التاريخ يجب ان توصل الى استخلاص المفاهيم من الماضي وتطويرها
الشيء المشترك
مقال عن المنهج الفلسفي
كتاب من تأليف كولينجوود ترجمة فاطمة اسماعيل
محتويات
1 مقال عن المنهج الفلسفي
1.1 كولينجوود في تيار عصره
1.2 مؤقت
1.3 منهجه الفلسفي
1.3.1 نظرية المنهج الفلسفي
1.3.2 شرح وعرض المنهج
1.3.3 قواعده المنهجية
1.3.4 مصادر المنهج
1.3.5 مثالي او واقعي
1.3.6 سلم الأشكال
1.4 من أعماله
1.5 مصادر
1.6 وصلات خارجية
كولينجوود في تيار عصره ص43
لكي تكتمل الصورة عن فلسفة كولينجوود يجب ان نعرف ما هي الظروف التي عاش فيها كولينجوود, ما هي الفلسفات القائمة في عصره. وهل كان ابن عصره سواء كان مع التيار الفلسفي الدارج ام كان يريد ان يكمل النقص الذي يراه في تيار عصره.
كولينجوود عاش الحرب العالمية الثانية وشارك فيها وما تبعة من خبرة الدمار والقتل. وتوقف للنشاطات الاكاديمية.
كولينججود عاصر سيادة الفلسفة الواقعية التي كانت انذاك تسود الفلسفة الانجليزية بشكل خاص والفلسفات الغرربية بشكل عام.
فهل كان كولينجوود مرأة عصرة او سار ضد التيار التجريبي للفلسفة الواقعية او وقف في تيار المثاليين الجدد (او مدرسة جرين). ام كان له منهجه الخاص ؟.
الجدير بالذكر ان الفلسفة الواقعية جاءت كردة فعل على الفلسفة المثالية التي كانت تقول بان العقل هو مصدر الحقائق خلاف للمثالية التي تقول بان الحواس هي اداة الوصول للحقيقة وان الواقع المادي المحسوس هو مصدر الحقائق وهو الذي يملي اوامره على العقل.
روبن جورج كولينجوود كان فيلسوف ومؤرخ وعالم آثار بريطاني (كارتميل 1889 و كونيستون 1943).
بين الفلاسفة الذين أثروا على أفكاره، يمكن ذكر المثاليين الإيطاليين، كروتشه الذي كان صديق ومترجم، جينتيلي ودي روجيرو، الذي كان أيضا الصديق الشخصي، وكذلك أفلاطون، كانط، هيغل، فيكو، برادلي، سميث وروسكين، الذي كان مدرس لوالد كولينجوود.
كولينجوود لم يكن فقط فيلسوف للتاريخ ولكن أيضا مؤرخ وعالم آثار، وعلى وجه الخصوص بحثه عن البريطانيا الرومانية كانت مهمة جدا في ذلك الوقت. فلسفته للتاريخ لا تنفصل عن بحوثه التاريخية، بحثة بريطانيا الرومانية (Roman Britain)، التي نشرت عام 1921 ، يحتوي على تأملات في فلسفة التاريخ. مشيرا الى وجود ترابط بين التاريخ والفلسفة. موقفه كان على تناقض مع الوضعية المنطقية السائدة في ذلك الوقت في انكلترا.
في المجال الجمالي تتميز فلسفة كولينجوود في تحديد الفن واللغة. العمل الذي يقدم فيه نظريته الجمالية هو مبادئ الفن (Principles of Art) المتأثر بمفاهيم كروتشة و جينتيلي. من كروتشة يأخذ مفهوم استقلالية الفن وفكرة أن العمل الفني هو في المقام الأول تعبير عن العاطفة. الفن هو المرحلة الأولى من تسلسل هرمي حيث المرور بالعلم والدين والتاريخ، ينتهي إلى حرية الفلسفة .
مؤقت
ما يمكن فهمه من منهجية كولينجوود انه لا يوجد تناقض (مثل الخير والشر) او تمايز (مثل العدل والمنفعة) بين التصورات الفلسفة. وهذه المهجية يفسرها من خلال مفهومين رئيسيين وهما تداخل الفئات وسلم الاشكال. النتحية التي يمكن الوصول اليها من خلال قراءة الكتاب مقال في المنهج الفلسفي للمؤلف كولينجوود ان لا يوجد حد فاصل محض بين المثالية والواقعية. فحسب رأيه اي نوع من الفلسفة يعتمد على فلسفات الماضي ويأخذ منها ما هو إيجابي حسب رأيه ويستبعد العناصر السلبية. ومن ثم يطور ما بقي للوصول إلى نوع من الفلسفة الجديدة او ما يمكن تسميته مذهب فلسفي. في الفترة المعاصرة لكولينجوود كان هناك التحليلات والنقد للفلسفات السابقة ولم يخلق مذهب جديد. معاقل هذه التحليلات كان في جامعة اكسفورد خصيصا. ما يمكن فهمة بوضوح من قراءة الكتاب المعني وجود توضيح مفصل ومطول للفرق بين المنهج الفلسفي والمنهج الرياضي والطبيعي. او بشكل عام بين المنهج الفلسفي والمنهج العلمي.
وفقا لسلم الاشكال وتداخل الفئات, كولينجوود
لا يفصل بين الفلسفة التحليلية والنقدية وبين الفلسفة البناءة. لان حتى في هذه الحالات يوجد طريقة بناءة ولكن خفية لا يعترف بها من ينتقد أو يحلل.
لا يوجد فرق بين الكلي والجزئي والفردي
الفلسفة تبدأ من الكلي او من الحس العام وتوضح معالمة ليصبح مذهب فلسفي. أي ان لا فرق بين المعطيات والنتيجة. خلافا للمنهج الرياضي الذي من معطيات ومن يصدقها من خلال المبادئ للوصول الى استدلالات واضحة. وهذا المسار البرهاني لا يمكن عكسة. كما يمكن ان يحدث في المنهج التجريبي الذي يبدأ من ملاحظة عامة ويتحقق منها بواسطة عمليات متوالية من الملاحظات الاخرى للوصول الى تعميمات تقريبية تعتمد على تراكم النتائج. في المنهج التجريبي يمكن تغيير المعطيات خلال المسار.
الفلسفة يجب ان تستمد مسائلها من الواقع وهذا يحدث في جميع انواع الفلسفات حتى تلك التي تتناول المسائل الميتافيزيقية. حتى في هذه الحالة الاخيرة المسالة الرئيسة تتعلق بالوجود. وبالتالي النتيجة ان لا يوجد تفرقة بين المثالية التي تعتقد ان العقل هو مصدر الحقيقة والواقعية التي تعتقد ان الحواس هي الاداة التي تستخلص الحقيقة من العالم المادي المحسوس.
محاولات كولينجوود في ايصال منهجيته يعتمد اساسا على نقطتين اساسيتين: ان العلم الطبيعي يعتمد اساسا على الملاحظة المحايدة التي ترصد الحدث دون ابداء الاراء الشخصية المتعلقة بخبرتة الذاتية. اما الفيلسوف وفقا لمنهج كولينجوود يجب ان يعتمد اساسا على تجربة الفلسفات السابقة وتحليلها للوصول من خلال التطوير والاضافة التي تعتمد على الخبرات الذاتية الى وضع منهج جديد. الظروف التي عاش فيها كولينجوود كان مميزة بالخلافات المستمر بين التيارات المثالية من جهة والتيارات الواقعية من جهة اخرى. وهذا كان العامل الاساسي الذي جعله يبحث عن منهج جديدي لحل ازمة الفلسفة في عصرة والتي يمكن ان تكون حجر الاساس للفلسفات المستقبلية. لأنه كان يعتقد ان الفلسفات حتى تلك السيئة تبدأ من درجة من سلم الأشكال . وهذه الدرجة لا تساوي صفر لانها تساهم في اعطاء الحد الادنى من المعلومات المشوشة. التي يمكن ان تكون بحاجة الى توضيح.
في سلم الاشكال الفلسفة الموجودة في الدرجة الادنى تعتبر نفسها الاصح وترفض اضافات الفلسفة الموجودة في الدرجة الاعلى. اما هذه فتعتبر الادنى جزءا منها لانها اخذت منها بعض التصورات الفلسفية التي اعتبرتها ايجابية وطورت عليها. وبالتالي يمكننا الحديث عن تداخل الفئات.
الحجة الفلسفية تختلف عن المسار العلمي في ان هذا يمكنه وصف كيان معين دون تبرير وجود تجمعات لا منطقية في هذا الكيان. مثلا ان يكون لنا 10 اصابع ويمكننا ان نسمع. لان الفلسفة تبدأ من تصور معين وتبني علية تصور اخر بطريقة منطقية دون ان يكون هناك تجميع لعناصر غير منطقية بين بعضها البعض.
منهجه الفلسفي
نظرية المنهج الفلسفي – ص111
الاستدلال تتكون من المعطيات ومبادئ ونتائج. المعطيات او الحجة الفلسفية تبدأ في تحليل البنية الخاصة للفكر الفلسفي, فوجدها تبدأ بالتصورات الفلسفية التي تعتمد على تداخل الفئات. التي يستخدمها لتوضيح التنوعات الجنسية للفلسفة. والشكل المنطقي الذي يربط بين هذه التنويعات سماه سلم الأشكال. حيث ترتبط كل درجة من درجات السلم بالتي تليها بواسطة علاقة واحدة مركبة من 4 علاقات: تجمع اختلافات الدرجة والنوع والتمايز والتضاد.
التصور الفلسفي يجد تعريفة الأكمل في سلم الأشكال, حيث نبدأ من اسفل السلم حتى الوصول الى الحكم الفلسفي. الذي يجب ان يكون وحدة كاملة متناسقة تضم الإثبات والنفي, الكلية والجزئية والفردية. الحكم الفلسفي لا يخلو من العنصر الحملي او عنصر الوجود. ولا يخلو ايضا من عناصر شرطية حتى لو كانت ثانوية.
الاستدلال يجب ان لا يقوم على الحكم الزائف الانفصالي, أي ان لا يكون استنباطيا بالكامل او استقرائيا بالكامل.
وأخيرا نتيجة التصورات الفلسفية يجب أن تكون كلا نسقيا مترابطا.
شرح وعرض المنهج
الفرض
التحقق من صحة الفرض بالرجوع الى التجربة التاريخية الفعلية للفكر الفلسفي
استخلاص النتائج
تصديق النتائج بالرجوع الى تاريخ التجارب الواقعية
كان يتخذ في سيره اجراءا مزدوجا يجمع بين المنطق والتجربة, اي بين الطابع الاستنباطي والاستقرائي. فكان السؤال دائما هل تتفق النظرة العامة للتفكير الفلسفي مع التجربة؟. وبهذا كان يهاجم كل حجة تبعده عن الحياة والتجربة.
قواعده المنهجية
الجمع بين الوعد والأداء, بين ما يقوله وما يفعله. بين النظرية والتطبيق, بين العرض والشرح, بين المنهج الذي استخدمه في عمله وبين المنهج الذي دعا الآخرين الى استخدامه. وهو بذلك يريد تحقيق المثل الاعلى لما ينبغي ان يكون علية التفكير الفلسفي وكيف يمكن ان يتحقق بالفعل.
ومن القواعد التي طالب بها والتزم بأدائها ما يلي: [1]
حقق خصوصية الفلسفة, أي ان نظرية الفلسفة هي جزءا منها (وليس كما يحدث في الشعر مثلا). ضرورة التفكير بشكل نسقي بين مبادئ المعرفة وتقديمها.
التزم بمبدأ أن الوقائع سابقة عن تصور فكرة وضع المعرفة في مذهب. ولتصديق هذا لقد استغرق فصل كامل, من كتابه "مقال في المنهج الفلسفي", لتأكيد النماذج التي اختار من تاريخ التجربة الفلسفية السابقة عند سقراط, افلاطون, ديكارت, كانط, قبل ان يبدأ فلسفته البناءة في الفصل الثاني.
التزم بمبدأ ان كل عبارة هي اختبارية قبل التحقق من صدقه بالرجوع الى الوقائع.
وأخيرا حقق مبدأ فهم الوقائع بالرجوع الى الوقائع وبالعكس, اي فهم المبادئ بالاحتكام الى الوقائع
التزم بمبدأ المراجعة المستمرة لنقطة البداية
التزم بالمبدأ المنهجي الذي يقول لكي نرفض تفسيرا لموضوع يجب ان نفسره. المبدأ الذي تأسست علية نظرية منهجيته: رفض مناهج العلوم الرياضية والطبيعية.
التزم بقاعدة ان كل إيجاب يتضمن سلبا وبالعكس, أي كلما أثبت شيئا انكر شيئا وبالعكس. مثلا عندما اثبت العلاقة الترابطية التي تحكم امثلة التصور الفلسفي (اي تداخل الفئات) انكره في التفكير العلمي. وحين اثبت الاستبعاد بين الفئات النوعية في التفكير العلمي انكره في الفلسفة.
حقق مبدأ النقد والاندماج, ليؤكد عدم وجود نسق فلسفي خاص مكتفي بنفسه. فكل نسق في علاقة عضوية مع الماضي والحاضر. وبناء المنهج يقوم على دمج ما يستمد من الاخرين. وان الموضوع الفلسفي ليس جنسا ينقسم الى انواع تستبعد بعضها البعض. وليس كل يمكن فهم اجزاءة كل على حداه.
أكد مبدأ ان الفلسفة الجديدة هي نسخة مطورة من الفلسفة القديمة.
- التزم بمبدأ ان كل في نقطة يجب ان يلخص تقدمه ومساره. حيث اعتبر الفلسفات السابقة عناصر داخلة في نسقه الخاص. فجمع بين الكلي والجزئي والفردي. ولتزم بمبدأ المعرفة السقراطي: الفلسفة لا تجعنا نعرف اشياء كنا نجهلها بل جعلتنا نعرفها بشكل افضل على نحو ما.
حقق معادلة الفكر الفلسفي في الجمع بين ادراك الماهية وما هو موجود وان هذا الفكر ليس فرضا محضا.
وحقق طبيعة السؤال الفلسفي وهو الجمع بين الفهم والنقد. اي ما يفكر به الناس واذا ما كان صحيح. فعرض الاسهام المنهجي لنماذجة الاربعة عرضا ونقدا في الوقت نفسه.
مصادر المنهج
لقد اكد كولينجوود على فكرة النقد الاندماج التي تحقق الترابط والتواصل المستمر بين أجزاء الكل الفلسفي عبر التجربة الفعلية في امتدادها التاريخي من خلال التداخل بين فئات الجنس الواحد. فان الفلسفات من جهة هي مستمدة من الماضي ومن جهة اخرى هي تعاون مع الحاضر. بالرغم من ان كولينجوود في كل خطوة من خطوات حجته كان يأتي بالوقائع التي تؤكد فكرته. يبقى من الصعب معرفة ما هي العناصر المطمورة في نظريته وتلك التي انتقد وترك باعتبارها سلبية. فالسؤال يبقى مفتوح: ماذا اخذ وماذا ترك وماذا ضاف؟
كان يؤكد الصفة الاختبارية التجريبية لمنهجه الفلسفي, لانه كان يقول ان الفلسفة عندما لا تمت بصلة بالتجربة الفعلية تكون معيبة. وطبقا لهذا المبدا فقد كان دائما على صلة دائمة بالفلسفات الأخرى, وبالفكرة المعيار التي يتصورها للمنهج الفلسفي. فنجده ينتفع من الافكار الهيليجية مباشرة او من الهليجين الجدد. وبما ان كولينجوود اخذ اربعه نماذج من تاريخ الفكر الفلسفي, فمن باب اولى الوقوف عندها: سقراط افلاطون ديكارت كانط.
سقراط لم يبين العلاقة بين منهجية الفكر الفلسفي والفكر الرياضي, تبينها افلاطون من بعدة ولكن لم يتعمق فيها. وهنا كولينجوود بيين بتكرار ممل احيانا
المقارنة بين الفلسفة والعلم. لكن يبقى انه اخذ من سقراط مبدأ الاستذكار. أي المعرفة الموجودة في النفس والتي تخرج الى النور عن طريق السؤال والجواب.
ديكارت يختلف عن كولينجوود بما يتعلق بالتاريخ الفلسفي, لان ديكارت من انصار التنكر للماضي. في حين جولنجوود يرى ان الفلسفات الماضية ترسم حدود الانطلاق ليتبين المشاكل التي لم يتم حلها او تلك التي بحاجة الى حل ربما جديد .
ديكارت لم يميز بشكل واضح وضع الفلسفة بالنسبة للعلوم الاخرى. بالعكس قال ان بامكانه ان يعمل منهج يطبق على علوم المعرفة الثلاثة : الميتافيزيقا والعلوم الطبيعية والرياضية. وهنا كولينجوود اتفق مع كانط حين هاجم ديكارت على ضرورة التمييز بين الفلسفة والعلوم. وأكد ان الفلسفة في تصوراتها تتنوع في فئات متداخلة. على عكس تصورات العلوم.
كانط شطر الفلسفة الى شطرين الفلسفة النقدية والميتافيزيقيا. على عكس كولينجوود الذي لا يفصل بينهما او كما يقول تمايز بدون انفصال, اي انه لا يفصل الموضوع عن المنهج. مثلا السؤال ما هي الفلسفة لا ينفصل عن سؤال ما ينبغي ان تكون عليه الفلسفة
فضلا عن النماذج الأربعة التي ذكرها كمرجعية للمنهج, نجد عنده مجموعة من الأفكار التي تظهر التأثير الهيجيلي, أهمها:
فكرة هيجل العقل يحكم التاريخ, أي ان التطور الفلسفي اتخذ مسارا عقليا في التاريخ. وهذا للتأكيد على ضرورة دراسة وتحليل تاريخ الفلسفة.
استمد من هيجل ان الافكار ليست جديدة بل قدية قدم الفلسفة اليونانية. وهذا ما يؤكدة المبدأ السقراطي الذي تبناه كولينجوود.
اتفق مع هيجل في ان الفلسفة يجب ان يكون لها منهجها الخاص وان ينبع من موضوع ذاتها. وفي رفض المنهج الرياضي والتجريبي لانهما لا يصلحان كمنهج للفلسفة. وانتهى كل منهما الى ان الفكر الفلسفي له طابعة الخاص.
ولكن السؤال هنا هل الطابع الجدلي الهيجيلي هو نفس الطابع عند كولينجوود ؟.
الفكر عند هيجل يسير على ايقاع ثلاثي: - الموضوع, - والنقيض , - والمركب منهما
عند كولينجوود لا يوجد المنهج الديالكتيكي بالصورة الهيليجية, اذا ان كل لحظة من تاريخ الفكر الفلسفي تحمها علاقة واحدة فقط, ليس الانتقال من الموضوع الى نقيضه بل الانتقال من درجة الى اخرى على سلم اشكال الفكر. وبين درجة واخرى هناك رابط مكون من 4 علاقات تجمع اختلافات الدرجة والنوع والتمايز والتضاد. بل هو نسبي ليس هناك شر خالص او خير خالص ومركب منهما. بل هو تركيب في كل درجة انه سلم متصل. الحد الاعلى فيه هو نوع من انواع الجنس نفسه مثله مثل الحد الادنى الا انه يختلف عنه في الدرجة كتجسيد اكثر لماهية الجنس. ويختلف معه في النوع فينتج من ذلك انه لا ينبغي ان يتمايز عنه فحسب بوصفه احد التنويعات بل يتعارض معة ايضا بوصفه نوعا اعلى لما هو ادنى. فهو لا يمكلك الصفة النوعية التي تجعله صادقا فقط بل يملك ما يدعيه منافسه زيفا. وهكذا ينفي الحد الاعلى ما هو ادنى وفي الوقت نفسه يعيد اثباته باعتباره جزءا من شريحته.
وهنا يحدث التداخل بين الحدين لا الانفصال بين المتضادين . الاختلاف بين المثلث عند هيجل وسلم الاشكال عند كولينجوود يجعلنا نؤكد ان الصورة المنطقية للتطور ليست واحدة. رغم ان المبدأ واحد. وهو لا يعني انبتاق شيء جديد من القديم وفقا للمبدأ السقراطي عند كولينجوود, والذي حققة ارسطو في قوله الانتقال من الوجود بالقوة الى الوجود بالفعل. واخذ به هيجل في الانتقال من الضمني الى العلني, من الشيء الى نقيضه. الا انه عند كولينجوود الانتقال من درجة الى اخرى من سلم اشكال المعرفة.
مثالي او واقعي
من التحليل الذي قدمه في نظرية المنهج الفلسفي, يمكن القول انه وفقا لنظريته لا يوجد تعارض بين المثالية والواقعية من منظور التصورات التي تتداخل فئاتها النوعية, ولا تستبعد إحداها الاخرى. اذا نظرنا لهما كنوعيين من جنس واحد وهو التفكير الفلسفي. وفي النهاية يمكن القول ان كولينجوود هو من فئة ثالثة وهي التي تداخلت فيها تنويعات الجنس الواحد. الذي يضم الواقعي والمثالي ولا يستبعد الواحد الاخر.
كتاب فكرة التاريخ / ملخص من ص 483 الى ص 537
محتويات
1 4- التاريخ تصوير جديد لإحداث الماضي
1.1 نقد فكرة التصور
2 5-موضوع التاريخ
2.1 مواضيع ليست لها صلة بالتاريخ
4- التاريخ تصوير جديد لإحداث الماضي
كيف يمكن للمؤرخ او على اية اسس يستطيع ان يعرف الماضي ؟ انطلاقا من اعتبار ان أحداث الماضي ليست من قبيل المظاهر القائمة أمامنا التي يمكن ان يتناول ادراكنا الحسي. والمؤرخ ليس شاهد عيان ولا يمكنه ان يفترض نفسة كذلك. ولا يمكن ان يستند الى شاهد اخر لانه سيعتمد فقط على الاعتقاد وليس على المعرفة. ولا يمكن ان تكون معرفة قائمة على الاستدلال او تجريبية. فماذا يستطيع ان يعمل المؤلف للوصول الى المعرفة التاريخية.
وفقا للدراسة التي قام بها كولينجوود في كتابه فكرة التاريخ, تمخضت الاجابة عن هذا السؤال. وهي انه يجب على المؤرخ ان يتمثل احداث الماضي في عقله. أي يمكن تفسير الفكرة بشكل عام في تفسير معنى الوثائق من خلال عملية استحضار او تصور الأحداث من جديد بهدف الوصول الى الفكرة.
مثلا لنفترض ان المؤرخ يقرأ قانون ثيودوسيوس, فان تفسير معنى كلمات هذا القانون لا يعني فهم أهميته التاريخية. ولذلك على المؤرخ ان يتمثل نفس موقف تيودوريس ومعرفة جميع الاحتمالات التي كان من الممكن ان يتخذها للوصول بواسطة التفكير الى نفس الحل الذي اتخذه بدلا من أخر. فهو بهذا يتمثل بعقليته تصرفات الامبراطور. وفي هذا المعرفة التاريخية تعتمد على قدرة المؤرخ على تمثل هذه الصورة.
او لنفترض ان مؤرخ ما يقرأ فقرة كتبها فيلسوف من القدماء, فانه يجب ان يكون على معرفة بالمدلول الفلسفي للكلمات وان يكون قادرا على تفسيرها. ولكن حتى بهذه الطريقة لا يمكنه ان يفهمها على نحو مؤرخ الفلسفة. لأنه يجب ان يعرف طبيعة المشكلة وان يستعرض الحلول المحتملة . ومن ثم يتبين السبب الذي من اجله قرر الفيلسوف الأخذ بهذا الحل وليس غيره. وهذا ما يعني كولينجوود ان يصور لنفسه تفكير الفيلسوف.
هذا التصور بالرغم مما يكتفنه من غموض لا بد ان يلفت الانتباه الى الطابع الرئيسي الذي يتسم به التفكير التاريخي. ولكن لا بد من تفسيره وتفصيله والطريقة ولعل امثل الطرق افتراض وجود ناقد يعترض عليه.
نقد فكرة التصور
1 الاعتراض الاول
من اجل تصور فكرة معينة حدثت في الماضي يجب تكرارها في كل صغير وكبيرة, وهذا من الأمر المستحيل
جواب كولينجوود يكمن في انه لا توجد عملية تصوير او تفكير مطابقة لعملية تفكير اخرى, فالمفروض ان تكون بينهما علاقة تشابه. ولنفترض انه من الممكن ايجاد تصور مطابق او ما يسمى ادراك مباشر بين المؤرخ والشخص الي يريد دراسته, سنجد ان الموضع قيد الدراسة, اي الماضي, قد اندمج في عقلية المؤرخ, الذي هو في الحاضر, وبالتالي بدلا من الاجابة على السؤال كيف يتسنى لنا الماضي, سنجد اننا لا نعرف الماضي بل الحاضر. وكما قال كروتشة, التاريخ هو صورة حياتنا المعاصرة.
لا يجب تكرار نفس العملية ولكن انحاز عملية اخرى بواسطة عملية تفكير حول السبب الذي جعل من الممكن التوصل إلى تلك النتيجة. مثلا بقراءة عبارة اقليدس بتساوي زاويتان المثلث المتساوي الساقين, وسلمت بصدقها. فان اثباتي لصدقها يختلف عن اثبات اقليدس. والدليل ان الاثبات حدث من شخصين مختلفين في وقتين مختلفين. وبذلك عمليتي ليست تكرار لعمليته ولكن انجاز لعملية اخرى هدفها ليس معرفة انه عرف التساوي المعني ولكن معرفة ان هناك فعلا تساوي. وايضا في معرفة الحقيقة التاريخية, ليس هناك تكرار ولكن عملية تفكير بما استطاع الوصول اليه اقليدس. وايضا في عدم وجود تكرار في العملية سلكها تفكيري, لان ما اقوم به ليس الوصول الى اثبات نفس القضية ولكن اثبات ان اقليدس قد عرف بموضوع التساوي.
ولاسناد هذه النظرية يقول كولينجوود ان العلاقة بين العملية الفكرية التي يمارسها فكري الآن وبين نفس العملية التي يمارسها فكري منذ 5 دقائق, هي علاقة اختلاف من حيث العدد مع اتفاق في نفس النوع. اي انهما نوعين مختلفين من نفس الوحدة. أي انني اجد نفس العلاقة بين ما فكرت به قبل 5 دقائق, وبين ما افكر به الآن. ومع ذلك لا يوجد تكرار بين العملتين. ويمكننا القول ان هناك وحدة واحدة بين عمليتين تفكير شخص واحد في وقتين مختلفين. او بين عملتين تفكير لشخصين مختلفين. ويجد وحدة واحدة ايضا في تفكير نفس الشخص في نفس الوقت نسبيا , لان عندما يفكر هذا الشخص بقضية تساوي الزاويا فانه ربما يستغرق 5 ثواني, ولكن وبما انه قد يفكر بشيء اخر ثم يسنأنف نشاطه التفكيري . فهذا يعني ان عملية التفكير واحدة لم تكن مستمرة ولكنها استؤنفت بعد مرور فترة.
فالقول اذا ان عملية التفكير لا يمكن ان تحدث مرتين لأن تدفق الوعي يطيح بها الى الماضي, قول خاطئ. العملية الفكرية ليست مجرد احاسيس ومشاعر بل هي معرفة وهي اكثر من الوعي المباشر.
فلو سلمنا ان الوعي ناتج من عدة صور متعاقبة, وكان الفكر نوعا من النشاط الذي يأتي على هذه الحالات المتتابعة, فيقوفها في صورة من الصور (حسب نظرية المعرفة انطباع الصورة في عقلية المفكر) ليتبين معنى التتابع بشكل عام - نشاط لن يكون الماضي بالنسبة له شيئا قد مضى وانقضى وانما شيء يمكن ان يرى بجانب الحاضر ويقاس به. وليس الفكر صورة متضمنة في هذا الفيض المتدفق من الوعي المباشر بل يمكن ان يكون خارج هذا الفيض.
وبما ان عملية فكرية واحدة قد تستمر لوقت من الاقات ثم تعود الى النشاط في وقت لاحق. فهي قد لا تخضع لقيد الزمن بالقدر الذي تخضع لمجرد الاحاسيس والمشاعر. مثلا اكتشاف ارخميدس لنظرية الطفو التي صادفت وجوده في الحمام.
لنفترض ان عملية تساوي الزوايا استغرقت كل الوقت ابتدأ من فكرة اقليدس حتى فكرتي, فان مرور هذه الفترة الزمنية لا يبرر ان هذه العملية واحدة لم تتغير في الحالتين. والفرق بين شخصيتي وشخصيته ليس مبرر لانكار هذه الوحدة. وبما ان العقلية صورة معقدة من الوان النشاط, واذا سلمنا ان نفس العملية الفكرية يمكن ان تحدث مرتين في سياقين مختلفين في دائرة نشاطي الفكري المعقد, فلماذا لا تحدث مرتين في لونين مختلفين من الوان النشاط المعقد.
ولكن الناقد يمكن ان ينكر هذه الاحتمالية ويستطرد قائلا ان عملية التفكير نفسها قد تختلف بينك وبين شخص اخر. أي لا يكفي معرفة الهدف فحسب بل ايضا طريقة التفكير التي سمحت له بالوصول اليه. لا يكفي معرفة العملية التي تقوم بها انت بل ايضا معرفة العملية التي يقوم بها الاخر والمقارنة بينهما. وجب ان ينتج ان العملية هي نفسها.
ان الفكر لا يمكن ان يكون مجرد موضوع وان اكون على بينة من النشاط الفكري عند انسان اخر هو امر ممكن استنادا الى افتراض واحد وهو ان نفس هذا النشاط يمكن ان يتمثله عقلي. أي ان اعرف ما يفكر او فكر انسان اخر يعني ان اتمثل لنفسي هذا النوع من التفكير
5- موضوع التاريخ
ماذا يمكن ان تتناوله المعرفة التاريخية؟. الإجابة هي ان هذه المعرفة يمكن ان تتناول اي شيء يمكن ان تتمثله او ان تتصوره عقلية المؤرخ. أي ان يكون ضمن اطار التجارب او المعرفة الانسانية).
أما الذي لا يدخل ضمن هذه المعرفة, كان يكون مجرد هدف للمعرفة, فلا يمكن ان يتناوله التاريخ.
مواضيع ليست لها صلة بالتاريخ
الطبيعة, الشرط الوحيد الذي يكفل وجود تاريخ للطبيعة ان تكون احداث هذه الطبيعة بمثابة افعال او اعمال من تفكير البشر. واننا عن طريق دراسة هذه الافعال نستطيع ان نتبين ما تنطوي عليه من تفكير ثم نقيس هذه الأفكار بمقياس فكرنا.
التجارب العابرة, مثل الإدراك الحسي المباشر او الوعي المتدفق من الأحاسيس والمشاعر, يمكن ان تكون من اختصاص علم النفس عندما يتعلق الأمر بدراسة خصائصها العامة وليست لها صلة بالتاريخ.
موضوع المعرفة التاريخية التي تتسم بطابع الادراك الحسي المباشر, بوصفها عملية فكرية وردت في سياق خاص, وفي حياة مفكر معين. لا يستطيع المؤرخ ان يتبين فكرة معينة تحمل طابع تفكير الفرد الذي فكر فيه. يجب ان يكون خاصة عامة من خواص التفكير يمكن بعثها في أزمنة مختلفة.
بالرغم من ان التاريخ هو المعرفة التي تحيط بالاحداث الكلية او الجزئية فأنها تستبعد المدركات الحسية ذات الطابع الفردي والحقائق المادية الطبيعية ويستبعد حتى الطابع الفردي للاحداث والشخصيات التاريخية. في حين ان المعنى العام لتلك الحادثة او الشخصية هو الذي يستحق الدراسة التاريخية. أي فكرة المعنى الكلي التي لا تخضع لقيد المكان والزمان ويصدق مدلولها على البشرية. طريقة في التفكير تجتاز حدود الادراك الحسي المباشر, فتحيا وتبعث في افاق اخرى وكانها طاقة كامنه في نسيج التفكير البشري.
ولكن هناك شرط اخر لا بد من استقاءه اذا ما اريد ان يكون موضوع من الموضوعات التاريخية. يجب ان يكون من طراز الفكرة التي توقظ نفسها في عقلية المؤرخ. الذي يجب ان يكون الشخص المؤهل لدراستها وإعادة تصويرها في نفسه.
العلم النفسي
حياة الانسان , احداث بيولوجية: حياة موت لانها لا تدور في اطار من الفكر بل في العمليات الطبيعية. بالاضافة الى التيارات الفكرية لانها تصطدم ببعضها بدون اي رابط منطقي.
احداث او اشخاص فردية
تلخيص كتاب فكرة التاريخ [1]من تأليف ر. كولينجوود [2] من ص 305 الى 312
اعتبر كولينجوود الكتاب "مقدمة لعلوم العقل" للمؤلف دلتاي [3] مهم لأنه نشر في تاريخ مبكر في 1883. بالإضافة إلي الكثير من المقالات المهمة, بعضها حول تاريخ الفكر والأخر حول موضوع تكوين العقلية الحديثة منذ عصر النهضة وحركة الإصلاح الديني وأخرى حول نظرية التاريخ.
المعرفة لدى دلتاي مشروطة بفهم السياق الداخلي (العقل، الغريزة، الحياة العاطفية، أفعال الإرادة...) فهذا السياق يشكل أساس عملية المعرفة. و ينتج عن ذلك أن نظرية المعرفة تتطلب فهما لهذا السياق الداخلي، أي أنها بحاجة إلى "علم نفس جديد".
ميز دلتاي وكروتشه بين موضوع العلم الطبيعي وموضوع التاريخ فقالا بان الاول موضوعه للطبيعة والثاني موضوعه العقل وجاء كولينجوود فدعى الى فهم كلمة علة في التاريخ التي تختلف عما يقصد بها في العلوم الطبيعية فلفهم العلة في حدوث واقعة تاريخية ما لا يجوز ان تدرجها تحت قوانين علمية او تعليمات تجريبية بل علينا ان نوضح جانبها الباطنيأي نكتشف عن التي تبين ان ماحدث كاستجابة كائن عاقل لموقف يحتاج الى حل عملي [4]
النقد الذي يوجهه كولينجوود الى ديلتاي يتعلق بمنهجيته في دراسة التاريخ, وفي ما يلي يمكن سرد بعض هذه الانتقادات:
بالرغم من ان دلتاي صرح عديدا بان المعرفة التاريخية لها نمطها الخاص وان منهجها لا يمكن أن يكون باستخدام طرق العلوم الطبيعية التي عادة ما تكون حيادية في وصف الأحداث التاريخية. ولكن كأمثاله من دارسين التاريخ في عصره , وقع هو أيضا في منهجية العلوم الطبيعية. وخصوصا عند استخدامه التحليل النفسي في تصور الشخصيات التاريخية مثل قيصر او نابليون.
دافع ديلتاي عن نظريته التي تنص على التفرقة بين التاريخ الذي يدرس الظواهر الفردية المادية وبين العلوم الطبيعية التي تدرس القوانين العامة المجردة (servono esempi).
بالرغم من هذا فنقد كولينجوود لهذه النظرية هو أنها لم تستند إلى وحدة تنظم مراحل التطور التاريخي وبقيت في الأحداث الجزئية المنفصلة عن بعضها البعض.
يقول دلتاي ان الوثائق والمعلومات لا تكفي لدراسة التاريخ , هناك الحاجة إلى تكوين صورة ذهنية تساعد على معرفة ذلك النشاط الروحي لتلك الوثائق. لان القيم الروحية للمؤلف يمكنها ان تبث الحياه في المادة التاريخية الميتة.
ويضيف بأن المعرفة التاريخية الحقة هي تلك التي تأتي من قرارة النفس Erblenis حين تحيط علما بالموضوع عين الدراسة [5]. أي أن المؤرخ يحب ان يعيش الحادثة التاريخية كصورة ذهنية في مشاعره وتفكيره. في حين ان المعرفة العلمية تستهدف فهم الكون المادي (Begreiten) فقط. باعتباره مشهد خارجي بالنسبة لرجل العلم. [6]
وبالرغم من أصالية فكرة التصور الذهني لديلتاي , الا ان كولينجوود انتقد هذه المعرفة المباشرة التي تأتي كالموجودات الحسية من خلال عملية التقمص, التي تصبح معرفة بشخصية المؤلف اكثر مما هي بالشخصية التاريخية قيد الدراسة. [7]
حل دلتاي لهذه المشكلة التي أثارها كولينجوود يأتي عن طريق التحليل السيكولوجي. أي أن المؤرخ يجب أن يحيي تجارب الماضي كجزء من تجاربه.
كولينجوود: عملية الدمج بين شخصية المؤرخ والشخصية التاريخية يؤدي الى شخصية مركبة بحاجة إلى أسس سيكولوجية لفهمها.
وهذا يتضح اكثر في أخر كتب نشرها دلتاي حيث ركز على سيكولوجية الفلاسفة وعلى تصنيفها إلى ألوان عقلية وفقا لفكرة وموقف كل منهم.
وهذا يؤدي إلى أن الفوارق بين الفلسفات تأتي نتيجة التكوين السيكولوجي. وبالتالي هناك خروج عن نطاق الفلسفة لان علم النفس يستند إلى أسس الفلسفة الطبيعية.
وبما ان المؤرخ يجرب لون من ألوان الحياة, فيمكن ان يفهمه عالم النفس فقط.
عملية التقمص كما يقول دلتاي لا تعني الخلط بين ذاتي وذات يوليوس قيصر مثلا, بل التمييز بينهما في تمثل تجاربه وكانها تجاربي, ولان الماضي يعيش في الحاضر.
ما اغفله دلتاي هنا هو ان المؤرخ لا يدرك الماضي إدراكا حسيا مباشرا ولكن يدركه عن طريق معرفة الذات وحقيقة هذه الذات. وهذا الإدراك المباشر لا يعتبر بالتفكير التاريخي إطلاقا. بل ذات طابع موضوعي ويقتصر فقط على صورة ذهنية للمؤلف.
بالرغم من كثرة المنشورات المتعلقة بدراسة فلسفة التاريخ فان معظمها بدأت بمبدأ النظرية الوضعية للمعرفة[8]. أي أن العلوم الطبيعية وحدها هي الوحيدة القادرة إلى الوصول لذلك اللون من المعرفة الحقيقة.
حتى أولئك الذين انكروا هذا المبدأ, لم يستطيعوا تحرير عقولهم بالكامل مهما كان إصرارهم بان التاريخ هو تطور روحي.
·
العملية التاريخية هي حياة العقل اليقظة على ما تنطوي عليه من معاني, قادرة على تفهم نفسها وتقدير نشاطها
ولكن عملية النقد والتقدير لم تعد جزء من النسيج التاريخي بل انتقلت إلى المؤرخ الذكي الذي ينظر الى الأحداث بمعزل عنها. حيث انتزعت الروحية عن الحياة التاريخية وأصبحت عملية طبيعية. أو مجرد حياة فسيولوجية. وبالتالي نجد أن الحركة الألمانية لم تستطيع التخلص من فلسفة العلوم الطبيعية.
مصادر وحواشي
.
1. ^ يتكون هذا الكتاب من خمس أجزاء تبدأ بكتابة التاريخ عند الإغريق والرومان وينتهي بالطبيعة الإنسانية والتاريخ الإنساني, فالإنسان المؤرخ, هو الكائن الوحيد القادر على رصد ودراسة الأحداث التي قام بها الإنسان على مدى عمره, منذ أن وجد على الأرض.
2. ^ روبن جورج كولينجوود كان فيلسوف ومؤرخ وعالم آثار بريطاني (كارتميل 1889 و كونيستون 1943). بين الفلاسفة الذين أثروا على أفكاره، يمكن ذكر المثاليين الإيطاليين، كروتشه، جينتيلي ودي روجيرو، وكذلك أفلاطون، كانط، هيغل، فيكو، برادلي، سميث وروسكين، الذي كان مدرس لوالد كولينجوود.
3. ^ فلهلم دلتاي- ( 1911-1833) كان فيلسوف وطبيب نفساني ألماني, يعتبر الممثل الرئيسي للفلسفة بوست-هيغلية في النصف الثاني من القرن التاسع عشر وأوائل القرن 20. سعى إلى استخدام فئات كانط التصاعدية في ميادين علوم الروح، أي العلوم الإنسانية إلا وهي، جيستيسويسينشافتين، وفي العلوم التاريخية من خلال نقد العقل التاريخي، فاتحا بهذا الطريق أمام "فلسفة رؤى العالم» ويلتانشاوونجسفيلوسوفي, أي نقد تاريخي للعقل. دلتاي يعتبر من الفلاسفة الأكثر نفوذا في فلسفة الحياة. وقد ارتبط ارتباطا وثيقا بالحركة التاريخية أو بفلسفة التاريخ، التي اعتبرها فلسفة للفهم.التي هي أداة للكشف عن الحياة في الحياة. تفكير دلتاي يرتكز على أساسيا على: - قبوله للنظرية القائلة بأن الفلسفة تنشأ من مشكلة الحياة اليومية.- قبوله بأن الفلسفة يجب أن ترتبط ارتباطا وثيقا بمعرفة الحياة
4. ^ تاريخ الفلسفة وفلسفة التاريخ
5. ^ بالاشارة الى طريقتين في الوجود :وهما الكيونة في الشيء والكيونة في المعيش, وهي كلمة تترجم أيضا تجربة, فكرة شعور, ارادة, باختصار كل ما يستطيع وعي ما تجريبه في ذاته
6. ^ المصطلح الألماني Verstehen يعني التفهم الذي يختلف عن Begreifen أي الفهم . فكلمة الفهم تشير إلى الغاية التي تهدف إليها كل المناهج والعلوم، بينما تتضمن كلمة "تفهم" العربية لونا من المشاركة والتواصل والتواد،. أنظر: صلاح قنصوة، في فلسفة العلوم الاجتماعية،مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة،1987،ص 188.
7. ^ وكمل يقول كانت في "نقد العقل الخالص", عن طريق الحس يحدث التفكير ومن هذا يحدث الفهم ومن اتحادهما تنتج المعرفة. وبالتالي فان الوظيفة الموضوعية لمقولات الفهم تتطابق مع الموضوعات الحسية (التي تتم من خلال وحدة الشعور, الخيال, الخطاطة) بهدف معرفة موضوعية. ولكن الإدراكات الحسية ليست كلية ولا ضرورية ولا تصدق على كل الذوات في كل الشروط
8. ^ الوضعية Positivism هي احدى فلسفات العلوم التي تستند إلى رأي يقول أنه في مجال العلوم الاجتماعية، كما في العلوم الطبيعية، فأن المعرفة الحقيقية هي المعرفة والبيانات المستمدة من التجربة الحسية، والعلاجات المنطقية والرياضية لمثل هذه البيانات والتي تعتمد على الظواهر الطبيعية الحسية وخصائصها والعلاقات بينهم والتي يمكن التحقق منها من خلال الأبحاث والأدلة التجريبية. كما تعد قسم من أقسام «نظرية المعرفة» (إبستمولوجيا). وهي نشأت كنقيد لعلوم اللاهوت والميتافيزيقيا الذين يعتمدان على المعرفة الاعتقادية الغير مبرهنة.
مستخدم:Hasanisawi/بؤس الايدولوجيا
من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
< مستخدم:Hasanisawi
بؤس الايدولوجيا اسم كتاب من تاليف كارل بوبر , ترجمة عبد الحميد صبرة , 1992.
ويعتبر هذا الكتاب من بين أبرز الكتب التي اثرت تأثيرا كبيرا على الفكر السياسي للقرن العشرين. حيث نقدت فيه الآراء التي تقول بوجود "قوانين" تُسير التطور التاريخي. فالأفكار التي زعم أصحابها بإمكانيتها في التكهن المستقبلي، لم تقتصر على فيلسوف أو اثنين، بل شملت لائحة تمتد من هيرقليطس إلى كارل مانهايم وأرنولد تويني، مروراً بأفلاطون وهيجل وماركس وأوجست كونت وستيرارت مل وستبنجلر. وهذا يعني ان الفلسفة التاريخانية كانت ضاربة الجذور قبل ان يأتي بوبر ويميز بين «التنبؤ» و«النبوءة»، ويقول سواء كان المتنبئ بشرا ام حاسوبا فإنه لا يستطيع ان يتنبأ بما سيصل إليه التطور المعرفي، فكل المحاولات لا تبلغ نتائجها إلا بعد حدوث هذه النتائج.
وحجة بوبر القوية هي ان التاريخ الانساني يتأثر في مسيرته بنمو المعرفة البشرية، والطرق العقلية لا تستطيع ان تتنبأ بكيفية نمو معارفنا العلمية والنتيجة التلقائية لهذه الفرضية تلغي إمكانية قيام أي علم تاريخي يوازي علم الطبيعة النظري، وحين تغيب النظرية العلمية في التطور التاريخي تصبح كل التنبؤات التاريخية هلوسات وهباء. مثلا كعب اخيل في النظرية الماركسية كانت في عدم قدرتها على التكهن بتراجع دور القوة العضلية لصالح الآلة. وبما ان المستقبل كتاب مفتوح على كل الاحتمالات، فكل من يزعم انه يحيط علما باحتمالاته يدخل في اطار السحر والتنجيم.[1]
محتويات
1 نقد الدعاوي المعارضة للمنهج الطبيعي[2]
1.1 الأهداف العملية لها النقد
1.2 الاتجاه التكنولوجي في علم الاجتماع
1.3 الهندسة الجزئية والهندسة اليوتوبية
1.4 التحالف الشائن مع اليوتوبية
2 مصادر وحواشي
3 وصلات خارجية
نقد الدعاوي المعارضة للمنهج الطبيعي[2]
الأهداف العملية لها النقد
يبدأ بوبر بالقول ان العلم هو من اهم النشاطات التي عرفها الإنسان للحصول على المعرفة. ويركز على الاختبارات كأدوات لحل المشكلات العملية من جهة, ولضبط وتحفيز البحث النظري من جهة أخرى. خلافا لذلك نجد نتائج عقيمة في الدراسات النظرية وخصوصا تلك المتصلة بالعلوم الاجتماعية. وللتأكيد على أهمية المذهب العملي يشير إلى كانط الذي يقول انه إذا تركنا العنان لفضولنا لنتجاوز حدود قدراتنا فهذا لا يتنافى مع البحث العلمي, ولكن الحكمة تكمن في اختيار من بين المشكلات, المشكلة التي يهم الإنسانية حلها. بالرغم من انحياز بوبر للنزعة العملية فهو يهاجم بشدة البحث العلمي الهادف الى الاستثمار المربح فقط.
يحث بوبر على تطوير مناهج العلوم الاجتماعية من خلال عمليات المحاولة والخطأ. وينتقد بوبر المذهب التاريخاني الذي بالرغم من انه يدافع عن الاتجاه العملي في المناهج, فهو عاجز عن الوصول إلى ما يدعيه من نتائج. ويقول اننا بحاجة إلى نقد الآخرين لتتكشف أخطاءنا, بهدف اصلاح وتطوير وتجديد المناهج العملية. ومن الأمثلة عن هذا التجديد المستمر يشير إلى الربط بين المناهج السيكولوجية وتلك الاحصائية فيما يعرف بتحليل الطلب (demand analysis).
الاتجاه التكنولوجي في علم الاجتماع
يركز بوبر على نقده للمنهج التاريخاني من خلال تقديمه للمناهج الناجحة في العلوم الاجتماعية. التي تعتمد على التحليل النقدي والتي سماها "التكنولوجيا الجزئية". [3]
واحيانا تسمى بالترقيع الجزئي الذي اعتبره بوبر السبيل الرئيسي إلى النتائج العملية في العلوم الاجتماعية. المشكلات التكنولوجية في هذه العلوم يمكن ان تكون ذات طابع خاص مثل فن إدارة الأعمال, أو ذات طابع عام, مثل التأمين الصحي او تثبيت الأسعار بواسطة الردع القانوني.
الاهتمام بالتكنولوجيا العملية لا يعني استثناء الدراسات النظرية الناتجة عن تحليل المشكلات العملية. بالعكس التكنولوجيا تساعد في مهمة اختيار هذه المشكلات وفي نفس الوقت تعمل على إخضاع الميول النظري إلى الاختبار العملي وبالتالي تُجنب الوقوع في متاهات العالم الميتافيزيقي.
وبالرغم من مكافحة موقف التسليم الساذج للمذهب الطبيعي (والذي سمي موقف المذهب العلموي), فليس هناك مانع من استخدام التماثل بين العلوم ما دام فيه فائدة لنا. وحتى أولئك أصحاب المذهب المعارض للتدخل العملي في المشاكل الاجتماعية يتصرفون بطريقة مشابهة للاتجاه التكنولوجي. لان قولهم بان التدخل العملي من شانه تحويل الأمور إلى حالات أسوأ, يعني انه لا يمكنك تحقيق كذا وكذا من الغايات بسبب كذا وكذا من النتائج المرتبة عليها. وهذا يدل على ان المذهب المعارض للتدخل يتصف بصفات المذهب التكنولوجي. والمهم هنا هو ملاحظة ألتشابهه بين العلوم الطبيعية والعلوم الاجتماعية. ومن الأمثلة على هذا التشابه بين قوانين العلوم الاجتماعية وتلك الطبيعية القول بانه لا يمكنك فرض الرسوم على المنتجات الزراعية وفي نفس الوقت تقليل كلفة المعيشة. او القول انه لا يمكنك أن تقوم بثورة دون أن ينشأ عنها أثر رجعي. او لا يمكنك أن تمنح صلاحية لشخص دون ان يغريه ذلك بإساءة استخدامها. وهذه هي أمثلة تحاول التكنولوجيا الجزئية حلها.
الهندسة الجزئية والهندسة اليوتوبية
الهندسة الاجتماعية الجزئية تدل على التطبيق العملي لنتائج التكنولوجيا الجزئية. وهو مصطلح ينطبق على العام والخاص من الأعمال الاجتماعية التي تستخدم عن وعي المعرفة التكنولوجية للوصول إلى غايات محددة. هذه الغايات تعتبر, كما في الهندسة الفيزيقية, أموزا خارجة عن نطاقها, أي إذا كانت ممكنة. أما في المذهب التاريخي فالغايات تعتبر داخلة في نطاق هذا المذهب.
المهندس الفيزيقي يصمم الآلات ويجدد نوعها ويقوم على صيانتها وا صلاحها. وبالمثل المهندس الاجتماعي الجزئي, يصمم النظم الاجتماعية الجديدة ويعيد تركيب ما هو موجود منها سابقا. النظم الاجتماعية تشمل الخاص والعام من ألدكانه الصغيرة حتى شركة التامين , وتنطبق على الخدمات الاجتماعية من مدارس وجامعات وأماكن للعبادة ... الخ. وفي هذا يعرف المهندس الجزئي ان الغالبية منها ليس مصمم عن وعي. ولكنه بالرغم من ذلك يعتبرها ألات تحقق غايات معينة, أو يمكن تحويلها لخدمة غايات أخرى. المهندس الجزئي يدرس النظم الاجتماعية ويضع الفروض في الصيغة التكنولوجية. مثلا: لا يمكنك إنشاء نظم خالية من الفساد لأنها تعتمد في تشغيلها على العنصر الشخصي. فالغاية هنا تقليل بقدر المستطاع الآثار الغير مؤكدة المتصلة مع هذا العنصر. وفي هذا الصدد يقول بوبر ان النظم كالحصن ليست بحاجة الى تصميم محكم بل أيضا الى جند صالحين.
يتميز موقف المهندس الجزئي بانه لا يؤمن بالإصلاحات التي ترمي إلى تغيير المجتمع ككل, فهو يحقق أهدافه من خلال التعديلات الجزئية. مثله مثل سقراط يعلم انه لا يعلم الا القليل. ويؤمن بان الأخطاء هي سبيل المعرفة الوحيد. ولهذا السبب فهو يتلمس طريقة خطوة خطوة ويقارن في كل مرحلة النتائج المتوقعة بالنسبة للنتائج الفعلية , منتظرا دوما تلك الغير مرغوب فيها. أما الإصلاحات واسعة النطاق المعقدة حيث من الصعب التمييز بين العلل والمعلولات فهو يمتنع عن الخوض فيها.
هذا الترقيع الجزئي لا يتفق مع الهندسة اليوتوبية التي طابعها دائما عام. أي التدخل لتغيير المجتمع ككل وفقا لخطة محددة. بالرغم من رفض التكنولوجي الكلي للطريقة الجزئية فأنة يستخدمها بطريقة اعتباطية. أي كلما كثرت التغييرات الكلية زادت النتائج الغير متوقعة. فيحاول ارتجالا اعتماد طرق جزئية غير مخطط لها لإصلاح ما يمكن إصلاحه. فالفارق بين المنهجين ليس في سعة التطبيق ولكن في الاستعداد الامور المفاجئة التي لا مفر منها. وفارق اخر مهم هو ان المهندس الجزئي لا يجزم على المدى الذي يمكن أن يصل إليه الإصلاح. خلافا لذلك المهندس الكلي يهدف منذ البداية الى ضرورة إعادة بناء المجتمع ككل. متجاهلا في ذلك المشكلات المترتبة على العامل الإنساني. ولهذا فهو مضطر بعد ذلك توسيع نطاقه ليشمل ليس فقط تغير المجتمع بل تغيير الانسان ليتلاءم مع هذا المجتمع الجديد. والجدير بالذكر هنا القول بان المذهب اليوتوبي لا يماثل المذهب التاريخي في معاداته للاتجاه الجزئي بل أيضا في دمجه للأيديولوجيا
التحالف الشائن مع اليوتوبية
صاحب المذهب التاريخاني ذات اتجاه كلي. وتتضح النزعة الكلية في اتجاة مل (Mill) في عبارات مثل حالة المجتمع و الفترة التاريخية. ويصف حالات المجتمع بالجسم فهي ليست احوال الاعضاء بل الجسم ككل. وهذه النزعة الكلية هي الفارق الأساسي بين المذهب التاريخاني والتكنولوجيا الجزئية. وهي التي تسمح بالتحالف بين هذا المذهب والهندسة الاجتماعية الكلية (او اليوتوبية). فكلاهما يهتم بتطور المجتمع ككل. والذي يزعجهما هو التغيير الذي يصيب البيئة الاجتماعية. الذي يحاولان تفسيره عقليا, فيتنبأ الاول بمستقبل مجرى التطور الاجتماعي, ويلح الخر على وجوب التحكم به او ربما ايقافه. واختلاف كل من اليوتوبي والتاريخاني عن المهندس الجزئي يكمن في الاعتقاد في قدرته على اكتشاف اهداف المجتمع, بتعين مثلا اتجاهات المجتمع التاريخية او متطلبات العصر. فنجد الكتاب الداعيين الى التخطيط اليوتوبي بانه لا مفر من تخطيط مسار التاريخ. وان مهمتهم تحطيم العادات الفكرية القديمة والكشف عن وسائل لفهم العالم المتغير. ويقولون ان التغيرات الاجتماعية لا تكون ناجحة الا إذا تخلينا عن الطريقة الجزئية, أو طريقة المحاولة والخطأ.
مصادر وحواشي
^ محطم الفلاسفة. محيي الدين اللاذقاني
^ المنهج الطبيعي او الطبيعية الوجودية هي فلسفة تهتم بفهم العالم ودور الانسان فيه. وتخلص الى ان الطبيعة هي كل ما هو موجود, والمكونة من اجسام وقوى واسباب تدرسها العلوم الطبيعة. التي لا تشمل الرياضيات بالرغم من العلاقة الوثيقة بينهما. العلوم الطبيعية (الفلك, علم الأرض, علم الاحياء, الكيمياء والفيزياء ...) تهتم بشرح العالم والظواهر الموجودة فيه محاولة الابتعاد عن التفسيرات الغيبية. ويمكن التعبير عن هذه الظواهر من خلال نماذج رياضية أو قوانين. الطبيعية الوجودية تعد امتداد للمنهج العلمي التجريبي. الذي نعتبره الطريقة الوحيدة للحصول على المعرفة.
^ موقع: وجهات نظر. عنوان المقال: مئـويـة كارل بوبـر.. قـرن تـوهـج فيه التفكير الـعـلمى.
الهندسة الاجتماعية الجزئية, تتعلق بالانعكاسات الإيجابية للتفكير العلمى على الرؤى السياسية والاجتماعية.
نقد بوبر الماركسية والمجتمع المغلق, لما فيه من نزعة يوتوبية كلية. لأنها تتناقض مع النزعة العلمية ومرتبطة بالتاريخانية. افترضت الماركسية أنها بضربة واحدة سوف تقلب التطور التاريخي للوصول إلى المرحلة اليوتوبية المتمثلة بجنة الكادحين على الأرض, صارفة الانتباه عن الطابع المرحلي لكل بناء معقد، وعن مشاكل أخرى غير متوقعة تتولد نتيجة الحلول المزعومة, كما يعلمنا منهج التفكير العلمي. بالرغم من حسن نوايا النداءات اليوتوبية التي تحرك العواطف وتوجه رأى المجتمع بأسره نحو هدف وحيد, إلا أنها تجلب الجحيم إلى الأرض. لأن حيوية الواقع تأبى الانصياع لقوانين هندسة كلية شمولية تأتينا بكل ما نريد جملةً وتفصيلاً.
ولهذا ينبغي تغيير الأوضاع وحل المشكلات التي تواجه المجتمع للاقتراب قدر الإمكان من الأهداف المنشودة والمثل العليا. ولكن ليس بالأسلوب الكلى الشمولي، والتخطيط المركزي. التي رفضها بوبر بشدة لانها تهتم بإنشاء أو تعديل نظم ومؤسسات اجتماعية وفقاً لخطة تحول المجتمع بأسره من وضع إلى وضع بضربة واحدة.
فى مقابل هذا الهندسة الاجتماعية يمكن ان تكون جزئية تهدف مثلاً إلى مكافحة البطالة أو مرض متوطن، أو تطوير نظام تعليمى...إلخ. ولما كانت كل محاولة فى واقع الإنسان لابد أن يشوبها خطأ ما كما يعلمنا التفكير العلمى، فإن مخطوطات الهندسة الجزئية تجعل الخطأ بدوره محدود واقل خطرا من التخطيط الكلى. لانها تتلمس الطريق خطوة خطوة، وتبحث في جميع الآراء للوصول إلى أفضل الحلول، وتترقب ظهور نتائج غير متوقعة فى أي عملية إصلاح إنسانية. وترفض حتمية التاريخ لتترك المجال مفتوح لأي مستجدات. وهكذا فالهندسة الاجتماعية تكون قريبة من روح المنهج العلمى، ويمكن اعتبارها كأسس للسياسة العلمية، لأنها تتوقف على السياسة الواقعية الضرورية لتشييد أو تعديل أو تبديل المؤسسات الاجتماعية وفقاً لأهداف المجتمع. وتخبر بالخطوات الفعلية التي يجب اتخاذها لتفادى كساد مؤسسة ما، أو عدالة توزيع الربح الناتج عن مؤسسة أخرى.
المهندس الاجتماعي هنا يتصور شيئاً ما يشبه التقانة الاجتماعية من قبيل تصميم النظم والمؤسسات الاجتماعية الجديدة، وتشغيل وإعادة تركيب ما هو موجود فعلاً. النظم الاجتماعية هنا تستعمل بمعنى واسع، فتشمل الهيئات الاجتماعية العامة والخاصة، أى عمل تجارى كبير أو صغير، شركات التأمين والمصارف، الشرطة، مؤسسات الخدمات التعليمية والصحية، الهيئات الدينية والقضائية والإعلامية...إلخ, كلها تتناولها الهندسة الاجتماعية الجزئية بوصفها وسائل علينا أن نجعلها تحقق أهدافاً معينة، ونحكم على كلٍّ منها على حدة تبعاً لملاءمتها وقدرتها على تحقيق الهدف منها.
طرح بوبر تصوره للهندسة الاجتماعية الجزئية فى أعقاب الحرب العالمية الثانية، في محتدم الصراع بين الرأسمالية والاشتراكية، فبدت كأسلوب ترقيع جزئي متواضع، عزف عنه المتحمسون للإصلاح والكمال الكلي.
لقد شهدت بدايات القرن العشرين انتهاء الرأسمالية المطلقة، رأسمالية "دعه يعمل.. دعه يمر.. إن العالم يسير من تلقاء نفسه" بلا أي تخطيط أو تدخل من الدولة. إنها الرأسمالية. التي كانت سائدة في عصر الثورة الصناعية وحاربتها الاشتراكيات الصاعدة آنذاك، وتنبأ ماركس بأفولها، وهذه هي نبوءته الوحيدة التي تحققت وإن لم تحل محلها الشيوعية كما زعم. على أية حال كان اختفاء تلك الرأسمالية المتطرفة أو تكييفها أو تعديلها تقدماً إيجابياً بلا شك. وبوبر نفسه يعلن ارتياحه لانتهاء مثل هذه الرأسمالية.
ومثلما شهدت بدايات القرن العشرين انتهاءها، شهد العقد الأخير منه نهاية الاشتراكيات المتطرفة وانهيار الأنظمة الشمولية المغلقة باسم الاشتراكية فى شرق أوروبا. لقد ثبت فشل التطرف من كلا الاتجاهين. وهنا تتقدم الهندسة الاجتماعية الجزئية وفق أهداف ومثل عليا، وتبدو حلاً في متناول كل الأطراف. إنها فكرة عالجها فيلسوف ليبرالي اقترن اسمه بتطوير ليبرالية النصف الثاني من القرن العشرين فى اتجاه خطوط الاشتراكية الديمقراطية، وقبل وفاته بعامين قال إنه دائماً اشتراكي، بمعنى إحساس العاقلين بالمسئولية تجاه الآخرين الأقل منهم حظاً ونصيباً في الحياة، بيد أن البشر للأسف لا تحركهم مثل هذه الدوافع النبيلة.
لهذا نجد الهندسة الاجتماعية الجزئية قد أتت فى جوهرها أقرب إلى الاشتراكية الديمقراطية التي عرفت كيف تزرع القيم الاشتراكية فى صلب الحضارة الإنجليزية ـ معقل الرأسمالية.
ونختم رحلتنا في بعض زوايا الفلسفة البوبرية بأن زعماء كلا الحزبين يقرون بأنهم متأثرون ببوبر وبفلسفته السياسية والاجتماعية كأول تطوير حقيقي وتغيير لمسار الليبرالية منذ وفاة جون ستيوارت مل، أيضاً فى انجلترا العام 1873.
بين التطرف الرأسمالي والتطرف الاشتراكي, ظهر الطريق الثالث الذي كاد ان يفرض نفسه حتى ظهور العولمة التي تنذر بابتلاع كل ما عداها. ودون أن ندور في متاهاتها نكتفي بإيجابيات التفكير العلمي التي تمثلت في الهندسة الاجتماعية الجزئية، كآلية فعالة في صلب الطريق الثالث، الذي يبدو طريقاً مربحاً لكلا الجانبين.
تميـز القـرن العشـرون ببداية حاســمة جعلته نقطـة تحـول في مسـار العــلم والتفكير العلمي. حتى أننا لو كشـفنا القصة كلها منذ الأميبا حتى آينشتين لوجدناها تعرض النمط نفسه: حل المشكلات عن طــريق آليـة المحاولة والخطأ. الحقيقة المطلقة لن يعلمها إلا خالق الكـــون، وليس على الإنسـان إلا أن يحاول، وليس العلم إلا محاولات لحل مشاكل نظرية وتطبيقية، محاولات ناجحة، تفتح الطريق لمحاولات أخرى أنجح. كل إجابة يطرحها العلم يطرح معهـــا تساؤلات أبعد، فيؤدى كل تقدم إلى تقدم أبعد.
وصلات خارجية
BLOG: فلسفة وعمارة
تم الاسترجاع من "http://ar.wikipedia.org/w/index.php?title=مستخدم:Hasanisawi/بؤس_الايدولوجيا&oldid=9965700"
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق