الأربعاء، 11 سبتمبر 2019

العمارة العامية والمحددات الثقافية للشكل. عاموس رابوبورت

العمارة العامية والمحددات الثقافية للشكل


العمارة العامية والمحددات الثقافية للشكل (Vernacular architecture and the cultural determinants of form), هو عنوان لمقال كتبة الأستاذ عاموس رابوبورت (Amos Rapoport), ونُشر عام 1984.
يضمن مجموعة من المقالات التي تتناول التاريخ الاجتماعي في البيئة المبنية، وعلم الاجتماع المعاصر بصفة عامة.

محتويات
  • 1 مقدمة
  • 2 العمارة العامية
  • 3 الثقافات
  • 4 الثقافة والتصميم الدارج أو العامي
  • 5 الشكل
  • 6 الآثار المترتبة على توسيع نطاق العينة
  • 7 مقاصد البيئة المبنية
  • 8 الخاتمة
  • 9 مصادر
  • 10 انظر أيضا

مقدمة
يمكن للمرء أن يسأل عن سبب دراسة التصميم التقليدي وعن أصل البيئة المبنية. الجواب هو أن القدرة على عمل تحليلات صحيحة واتخاذ قرارات يعتمد على وجود نظرية صحيحة. ولكي تكون صحيحة يجب أن تقوم على أكبر عدد من العينات الممكنة. ولكن معظم ما نمر به من  الناحية النظرية للتخطيط والتصميم وحتى في الدراسات بين الإنسان والبيئة يعتمد فقط على التصميم التقليدي الرسمي، متجاهل البيئات الشعبية، على الرغم من أنها تمثل الأغلبية نسبة لجميع البيئات المبنية. وعلاوة على ذلك، فإن عناصر الطراز الرفيع—الساحات الضخمة والمباني والمجمعات البيئية التي عادة ما يكون تاريخها مدروس, يمكن أن تُفهم بطريقة صحيحة وكاملة في السياق الذي يحيط بها، والتي كانت مرتبطة به عندما أنشئت.
وتعتمد هذه النظرياتفي الوقت نفسه،  على أدلة تقليدية غربية، متجاهلة البيئات الثقافية وبهذا فهي تتجاهل معظم البيئات العامية. 

هذه النظريات والأبحاث الحديثة إلى حد كبير تهمل البعد التاريخي للمناطق الغير غربية. وهذا يخلق مشكلة خاصة بالنسبة للبيئات المبنية القديمة, مثل الملاجئ والعناصر الحجرية نصف الدائرية ومصدات الرياح وأسس الأكواخ التي تم العثور في تنزانيا، والتي يرجع تاريخها إلى نحو 1,800 سنة. ويبدو أن هذه المواقع كانت معروفة من زمن، وهذا يشير إلى أن استخدام المنزل كقاعدة هو عنصر أساسي من عناصر السلوك البشري والذي ميزة عن غيره من الثدييات. وبعد كل شيء، حتى الحيوانات لها أماكن، وطقوس , وسلوك, والتزامات (هيني هديجر، '955، Wynne ادواردز، 1962 ؛ فون فريش ،'974). 

في الواقع، يبدو أن الحيوانات تنظم البيئة من خلال تلخيص وخلق(؟) خطط معرفية للعالم كما هو...

هنا يتضح لماذا الأنسان، الذي أكثر من غيره من الحيوانات، يحتاج إلى أماكن للقاء، وتقاسم الغذاء والحصول على أماكنه الخاصة، ولهذا كان هناك مساحات وأماكن مختلفة منذ القدم.

إن التمييز بين  المرحلة الأولى للتعرف ثم الوصف اللغوي، وأخيرا البناء أدى الى ان يكون هناك صلة بين اللغة والبيئة: كلاهما يعربان عن عملية المعرفة من خلال التمييز، مما يعكس اتجاه العقل البشري نحو فرض نظام على العالم من خلال خطط وأسماء. 

ولذلك يمكن ان ننظر إلى البيئة العمرانية كخطط مادية ومجالات معرفية : البيئات هي أفكار قبل أن تكون أبنية. هناك أمثلة كثيرة من الماضي البعيد ومن الأدب الإثنوغرافي (Ethnographie).

ولذلك لا بد من النظر إلى العلاقة بين الإنسان والبيئة عبر الزمن والثقافة من اجل تعقب انتظامها وأيضا من أجل التحقق من صحة أي تعميمات موجودة سابقاً. التعميمات التي تعتمد على عينات محدودة يمكن ان يكون مشكوك بها. وبالتأكيد, كلما كبرت العينة والفترة الزمنية كلما زاد احتمال صحة تلك العلاقة. وهذا لكي نفهم بشكل أفضل هذه الخلافات الكبيرة, وبالتالي زيادة احتمالية معرفة الأنماط والعلاقات التي تشكل غالبية الأمور الجديرة بالبحث.

القدرة على تحديد وجود تلك النماذج يمكن أن يساعد مشكلة الثبات والتغيير ،الذي يحدد قواعد بعض خطوط السلوك، والبعض الاخر قد يكون تطوري. ولذلك، يجب تكبير العينة حتى يتسنى لنا أن نفهم الثبات، وقبل كل شيء، لأن ثقافتنا تؤكد على التغييرات المضطربه. إذا ان التغير الذي يبدو تعبير عن هذه العملية يعتبر  في غاية الأهمية، لأن الأسباب التي تبدو مختلفة تظل على ما كانت عليه. لذلك، على ما يبدو، لا يوجد علاقة بينها وبين الطرق المختلفة لعمل الأشياء, لأنها قد تحقق نفس الأهداف التي قد تكون نتيجة لعمليات ذهنية، أو تحولات في حد ذاتها. (اعادة صياغة)

لكي نستخدم مثال فعلي، يجب أن نأخذ في الاعتبار ثلاثة أشكال حضرية :
  • مدينة مكتظة بافنية،
  • مدينة ذو كثافة منخفضة متكونة من منازل منفصلة
  • مدينة متكونة من قرى متجانسة تتألف من سكان بينهم علاقات اجتماعية قوية.
بالرغم من ان هذة الأمثلة مختلفة جدا بينها, إلى ان جميعها تثبت أن آليات الرقابة غير مرغوب فيها، ولهذا فهي تتفاعل بشدة لتحقيق المستويات المنشودة من الخصوصية.

بوجه عام، هذا النوع من التحليل يمكن أن يقول لنا شيئا عن هدف البيئة المبنية التي هي أكثر من ملجأ, وحتى في الأجواء الباردة التي بحاجة إلى مأوى وحماية، هناك تباين كبير. ويختلف هذا من الحد الأدنى للمأوى في "تييرا ديل فويغو" (أرض النار)، من خلال مستويات منخفضة من الحماية التي تُستخدم في منازل بعض الهنود الأمريكيين في ولاية ويسكونسن ومينيسوتا، إلى الحماية المتطورة في الأسكيمو.

في الواقع البيئة المبنية لها أهداف مختلفة : لايواء الناس والممتلكات وحمايتهم من المناخ والناس والحيوانات والقوى الخارقة، ولخلق مكان إنساني آمن في عالم خطير، وللاستقرار في مكان معين وعمل علاقات اجتماعية. 

ان العوامل الاجتماعية والثقافية في المعنى الأعم هي أكثر أهمية من المناخ، والتكنولوجيا، والمواد، والاقتصاد والشكل المدمج. 
وفي كل الاحوال فإن تفاعل كل هذه العوامل يفسر بأفضل شكل البيئة العمرانية، وليس هناك تعليل واحد يكفي، لأن البيئات، حتى وإن بدت مساكن متواضعة، فهي  أكثر من ان تكون أشياء مادية أو هياكل : فهي مؤسسات وقواعد للظواهر الثقافية.
انه في هذا السياق سوف يتم النظر الى العمارة العامية في الفصل التالي, وكيف يمكن أن تخبرنا عن التفاعل بين الأنسان والبيئة، وتفهمنا كيف يمكن تطوير نظريات جديدة. ومن ثم التصميم التقليدي سوف يتم استخدامه كنقطة انطلاق للتعامل مع المشاكل الأكثر عمومية وسوف يتم تعميق العلاقة بين الثقافة والبيئة المبنية.
مناقشة المصطلحات الثلاثة للعنوان
العمارة العامية
في مقالات أخرى حاول المؤلف تحديد ووصف التصميم الدارج كجزء من تصنيف يضم التصميم البيئي البدائي والتقليدي وذلك التصميم ذو النمط العالي (أو التصميم الكبير) ومقارنتة مع العمارة الحديثة التي اعتبرها أخر حالة خاصة.
هذه التصنيفات تتغاضي عن مشكلة هامة ومثيرة للاهتمام, وهي الى أي تصنيف تنتمي التصميمات الشعبية الحديثة ؟ (في الضواحي وفي الطرق الثانوية), والتي يهمله المؤلف في هذا الفصل.

التصميم الشعبي يمكن وصفه كعملية، كيف يمكن أن تكون، وكيف هي خصائص البيئة الناتجة عنها.

النقطة المهمة في هذه العملية ليست متعلقة بالمستخدمون قد بنوا هذا النوع من العمارة بدون الحاجة الى معماريين، بل الاهم هو كيف توصلوا إليها عن طريق تصميم وتنفيذ قواعد لنظام مشترك بينها. في الواقع أفضل التصاميم الدارجة يتم تحديدها على أساس نموذج الذي يتم تعديله من خلال العديد من المتغيرات. فهو مقبول ومتناسب مع الاحتياجات، والسياق. ولأن هذا النموذج مقبول على نطاق واسع فهو يعطي بشكل واضح بيئة متصلة مع السكان، ويمثل رموز مفرداتيّة (lexical)، وليست خصوصيّة أو مزاجية idiosyncratic .

بما ان الرموز, بصفة عامة, هي أمر أساسي في سلوك البشر، ونظرا إلى أن المصنوعات اليدوية، بما فيها المباني والمستوطنات، هي نوع من الرموز التي تجعل حقيقي ما هو غير ملموس، كالفراغ، وطبيعة القيم الخالدة، والمعاني، وما شابه ذلك (سوروكين، 1947)، فإن هذا الأمر مهم في حد ذاته. ولكنه الشيء الاهم هو ما يتعلق بنظرية الإنسان والبيئة. إذا مفهوم البيئة يوفر مدخلات للسلوك التي يجب تفكيك شفرته وفهمه، وبالتالي، تلك البيئة سوف تشير بوضوح إلى فرص العيش، إلى من يفعل ماذا، ومتى، ومع من، وفي أي سياق. حتى لو هذه النقطة ستناقش في وقت لاحق، إلى ان السمات الموصوفة تعني أنها بيئات ثقافية محددة، وبالتالي لها روابط وثيقة مع ثقافة المكان الذي تحدث فيه.
الثقافات
الأنثروبولوجيون متفقين على الدور المركزي للثقافة 'في تعريف البشرية. ولكن في اشياء اخرى كثيرة فهم مختلفون ، ولهذا فالتعاريف كثيرة. كروبير وكلوكهون أنتجوا في عام 1952  ،, كتاب رائع، حيث استعرضوا فيه مفاهيم وتعاريف الثقافة، ومنذ ذلك الحين تولدت منها العديد من الاقتراحات. وهناك  كتاب جديد يضمن المقترحات الحديثة.
يكفي أن نلاحظ أن جميع التعاريف تقع في واحدة من ثلاث فئات واسعة.
  • الأولى تُعرف الثقافة من حيث انها أسلوب الحياة النمطية؛
  • الثانية تُعرفها كنظام من الرموز والمعاني والأنماط المعرفية
  • الثالثة تصفها كمجموعة من استراتيجيات تكيفيية للبقاء على قيد الحياة، بالنسبة للبيئة والموارد.
هذا الفئات لا تعتبر عادة في صراع بينها، بل أن كل واحدة مكملة  للأخرى. ولذلك، من حيث الاهتمام، البيئات المبنية لثقافات خاصة هي نهج لنوع من الناس, حيث مجموعة منهم ترى انها معيارية، وخاصة بالنسبة لنمط الحياة التي هي مهمة ومميزة لتلك المجموعة، والتي تميزها عن الآخرين.
في إنشاء مثل هذا النهج وأسلوب حياة, هناك تعبير عن نظام، عن مجموعة معينة من مخططات معرفية أو عن نموذج يمثل رؤية مثالية تحت هيئة الشكل—بالرغم من عيوبه، وفي النهاية المطاف, نمط الحياة ,والرمزية والبيئة قد تكون جزءا من مجموعة من الاستراتيجيات التواؤمية لنهج إيكولوجي.
في هذا الفصل، رؤية معينة للثقافة وعلاقتها مع البيئة يمكن تسميتها 'تطابق النموذج المعرفي'، الذي يشير إلى أن بيئات وأنماط الحياة، وكلاهما يعكس المثل الأعلى ويمكن تصور انها تشكلت من نماذج ثقافية ومعرفية لمناهج يحتفظ بها أفراد ثقافة ما. في هذا, هناك اثنتان من وجهات النظر للمعاني الرمزية. وذلك لأنهما متصلتان بأساليب حياة خاصة وكلاهما, البيئة ونمط الحياة, قد تم اختيارهما من بين البدائل التي تستند عليها الأنماط المألوفة. (اعادة صياغة)
بشكل عام، الفئة الثالثة لتعريف الثقافة، تشير إلى وضع استراتيجيات خاصة للتكيف مع البيئات الايكولوجية، والتي سيتم تجاهلها. وفي الوقت نفسه، جميع تعاريف الثقافة تشمل بعض العناصر المشتركة. تعميم هذا التعريف يوحي بأن ثقافة مجموعة من الناس الذين لديهم مجموعة من القيم والمعتقدات التي تجسد المثالية وتبث إلى أعضاء المجموعة من خلال عملية التثقيف (enculturation). هذه المعتقدات هي وسيلة تؤدي إلى رؤية للعالم، في حالة التصميم, والى صياغة البيئة. هذه المثالية يعم ,أيضا, على إيجاد نظام من القواعد والعادات التي تؤدي إلى اختيار منهجي متواصل. وبالتالي هذا النظام يعكس مثالية ويخلق نمط حياة، وبالتالي بيئة مبنية (built environments). بعد كل ذلك، هذه الأواخر عادة ما تكون نتيجة لقرارات فردية وأعمال جماعية، التي هي مهمة للتعرف الإجمالي. إذا كان نظام الخلافة أو الرموز معروفة يمكن بسهولة تحديد المدن كإيطالية أو هندية أو مكسيكية أو المناطق الطبيعية الأسترالية.
العادات والأعراف، والغذاء، الأدوار والسلوك، تنبع, أيضا, من تلك المجموعة من القواعد. المعرفة المناسبة، كل هذه العوامل تشير، أو ينبغي أن تُظهر انتظام ناجم عن مخططات ضمنية عامة وبالتالي تشكل نظام. لأن البيئة والتصرفات, لها علاقه تبادلية وليست عشوائية بل منظمة. هذه القواعد تطبق على سبيل المثال، لاستخدام الحيز الحضري، لأيجاد اثنين من التقاليد الواضحة، : واحد منهم هو الفضاء الحضري الذي يستخدم للعديد من الأنشطة، والأخر حيث هذة الأنشطة محظورة. بكلمات أخرى, الفئات المختلفة قد تقرر، بالأعتماد على هذه القواعد، أيّ منهج، وبذلك الربط بين اثنين من البيئات والسلوك – إذا هذه كانت طرق، أو مناطق خلفية أو أمامية، أو منازل ,الخ
الثقافة يمكن ان تكون كسلسلة من الخيارات التي تعبر عن مثاليات الأنسان, كالحياة المثالية، وبالتالي البيئة المثالية. وبهذه الطريقة، هذه الخيارات هي أيضا وسيلة للتوسط بين البشر والبيئة الطبيعية، ومثالية للحوار مع الأنشطة الأساسية للإنسان بالنسبة للتناقض بين الثقافة والطبيعة.
الثقافة والتصميم الدارج أو العامي
أي أداة يمكن أن ينظر إليها على أنها نتيجة لسلسلة من الخيارات من بين بدائل مختلفة، لتشكيل بيئة.  كيف يتم إدراج الخيارات أو استبعادها, السبب وراء التطبيقات الناجحة لمعايير مختلفة هو التقريب بين الصور المثالية للثقافة وبين المخططات. في الحالات الأولية والعامية هنالك عدد قليل من من الخيارات الأولية عما هو موجود اليوم، الخيارات المتاحة يتوقف جزء منها على الإيكولوجية وجزء على القيود الثقافية. مثلا هنود بويبلو عرفوا قبل أن يبدؤوا التصميم أن النتيجة ستكون تجمعات مساكن، نافاهو، من جهة أخرى، علموا أنهم سيعيشون في مساكن منفصلة واسعة المساحة. كما أننا في كثير من الأحيان نستبعد البدائل دون النظر إليها، إن نتائج هذه النظم من تناسق الخيارات هو ما نسميه النمط، كل العمارة وانماط الحياة كانت نتيجة لإدراج واستبعاد للبدائل.
إذن ؛التصميم العامي أو الدارج، بمثابة نموذج لعملية التصميم بشكل عام والتي هي تطبيق على نطاق واسع بمجرد فهم خصوصيات الحالة. وفي الوقت نفسه، تكشف عن الخصائص المميزة للعمارة الدارجة، واتساق خياراتها وذلك لصلتها الوثيقة بالثقافة. في مثل هذا التصميم نجد إعدادات لأساليب حياة خاصة، لأن هذه وثيقة الاتفاق، التي تتواصل بوضوح مع السلوك المتوقع من خلال المنبهات المقروءة. وبالتالي فإن هناك تناسب جيد بين الحيز المادي والسلوك وهناك اتصال واضح، في حين أنه في حالات معاصرة هناك عدم انسجام، وبالتالي اتصال غير واضح.
إذا كان لنا تصور البيئة المبنية على أنها مخطط معرفي رمزي بحاجة بعد ذلك إلى فك الشفرة لإعداد المخطط المناسب والمنسجم في عقول المستخدمين، ومن ثم يمكن للمرء أن يقول أن هذه العملية تعمل بشكل جيد للغاية، وكفاءة واضحة في حالات العمارة الدارجة وإما سيئة في البيئات الحديثة. وهكذا، يمكننا فهم كيفية أداء البيئة المبنية كنظام غير لفظي، ذات أهداف ملحوظة، ومفهومة عن طريق تحليل البيئات البدائية والعامية.
إحدى الطرق للنظر إلى الإنسان ثقافيا من خلال التفاعل مع البيئة عبر الزمن، ولذلك، من حيث درجة التطابق أو عدم التطابق بين المادية والنظم البشرية. ويمكن أن أشير إلى أن من وسائل التمييز بين العامية والبدائية وأنواع أخرى من التصميم هو على وجه التحديد من حيث درجة التطابق الأعلى. ولذلك آثار واضحة ، لماذا ينبغي دراسة هذه الأشكال من التصميم؟
عندما نأخذ بعين الاعتبار المعايير المستخدمة في عملية الاختيار، يمكن تمييز التصميم البدائي والدارج بالطبيعة المتميزة للمعايير المستخدمة. على سبيل المثال، الاعتبارات الشعائرية قد تكون أكثر أهمية من الاقتصادية والتكنولوجية المعروفة، وبالتالي ليس من الضروري استخدامها أو إعطائها الأولوية ،المناطق الأصيلة يتم استبعادها وهكذا. ولكن هذا التصميم يمكن تمييزه في نوعين آخرين من التطابق. أولا، في البدائية والعامية هناك درجة عالية من التناقض في المعايير المستخدمة من قبل جميع أعضاء المجموعة (نستذكر أن النموذج مشترك وغير مشكوك به) ثانيا، ونتيجة لذلك، البيئات التي تنجم عن هذه الخيارات جاءت لتحديد الفريق.(اعادة صياغة)
وهكذا يمكن للمرء أن يصنف الأشكال المختلفة من البيئات - من بدائية ،إلى دارجة إلى تقليدية إلى حديثة - من حيث درجة التطابق بين المخطط الذي تم تعريفه من قبل المجموعة. وعلاوة على ذلك، في حالة المعايير التقليدية، كثيرا ما يجد المرء أن البيئات ذات التقاليد العالية أو القليلة مبنية على نفس المخطط. وما يختلف هو درجة الإتقان ومدى تعقيد الرمزية، وما إلى ذلك. وهذا ينطوي على درجة عالية من الانسجام بين المخطط الكامن وراء الأشكال المختلفة للبيئة، ومرة أخرى، على مستوى أعلى بكثير من الوضوح والاتصال فيما بينها. وهو يعني أيضا وجود صلة بين الطراز الرفيع والأشكال الدارجة في البيئات التقليدية.
هذا النقاش من التطابق يقترح بأن البيئات العامية أصبحت مؤشرات للثقافة ، وبالتالي توفير النقطة الاكثر افادة للدخول في دراسة هذه العلاقة على مستوى النظريات. وهنا نقول أن العامية أكثر فائدة من بدائية التصميم
أولا، درجة المفاضلة بمدى مماثلتها لثقافتنا أكبر والنماذج أكثر قابلية للتطبيق وهكذا، ثانيا، لأن العمارة الدارجة تتميز عن البدائية جزئيا من قبل إدراك التصميم رفيع الطراز وكذلك المجموعات الأخرى ويترتب على ذلك أن النماذج مستمدة منها أكثر قابلية للتطبيق. ومن جانب آخر، فإن دراسة الحالات البدائية أمر أساسي، لتعقب المصادر ولفهم كامل لسلسلة الاحتمالات.
واحدة من الآثار المترتبة على مناقشتنا للثقافة، واستخدام المفاهيم مثل أساليب الحياة ومجموعات من القواعد، هو أن مفهوم مثل الثقافة واسع للغاية ويتعلق بالتصميم البيئي. ومن ثم فإن من المفيد النظر في الكيفية التي يمكن أن تختزل فيها أكثر عناصر التحكم. ومن بين المقترحات التي عادة ما تؤدي إلى ثقافة معينة للعالم. وتعكس وجهات نظر المثل العليا ويؤدي إلى الخيارات، لكنها لا تزال صعبة الاستعمال، ولا سيما فيما يتعلق بالبيئات.
القيم هي واحدة من وجهات نظر العالم، من حيث أنها أسهل للتعريف، وإنما لا تزال معقدة للغاية في هذه المرحلة، ليتم ربطها مباشرة بالبيئات المبنية. وكثيرا من تتجسد في صور، والتي يمكن دراستها. ولكن نتيجة القيم في أساليب الحياة هي في الطرق التي يتميز بها الناس.
في هذه المرحلة، هناك نقطة أخرى لا بد منها : لكي تكون مفيدة، المفاهيم مثل 'البيئة' و'الشكل'أيضا يحتاج إلى تحليل. ولذلك، فإنني أنتقل إلى مناقشة الجزء الثالث من الكتاب وهو الشكل.
الشكل
مفهوم الشكل يحتاج إلى مناقشة تفصيلية لأنه يتم استخدامه في معنى معين. عبارة مثل "شكل البيئة' وال'ثقافة'، هي عامة لأن تكون مفيدة في توضيح العلاقات. ولذا، فإن مصطلح 'البيئة' ينبغي مناقشته قبل النظر في مصطلح الشكل.
الآن ضمنيا معروف أن كل ما صنع الإنسان هو تصميم، بمعنى أنه يتضمن قرارات وخيارات بشرية تهدف لتغيير العالم بطريقة هادفة. في هذا المعنى، نظرا لوجود عدد قليل من الأماكن على وجه الأرض التي لم تتغير، جزء كبير من الأرض هو في الحقيقة مُصمم, بالرغم من الاختلاف في التخطيط, الاختيارات المنفذة والمعايير المستخدمة في هذه الخيارات مختلفة. البيئة المصممة بالطبع تشمل الغابات والأماكن التي تم زرعها أو إزالتها، تحويل الأنهار، أو المناطق التي وردت في بعض النماذج. الطرق، أماكن السيارات المستعملة والسدود هي بيئات مصممة، كما المكاتب عالية النبرة والمراكز الثقافية. إنشاء مخيم أو قرية أو بناء منزل هو عمل تصميمي مثل مخطط المدينة، أو ذلك للمعماري الذي يحلم بالمدينة المثالية أو بإنشاء مباني جملية للمكاتب. ومن الواضح أن هذا التعريف أوسع بكثير مما هو التعريف العام، ويعتبر واحد من العناصر الأساسية.
هذا يبدو واضحا بما فيه الكفاية، ولكن عندما نقول أن كل هذا هي بيئة مبنية, ماذا نعني بالبيئة؟ هناك عدد من المفاهيم مقترحة التي لها عوامل مشتركة. أولا، بحث البيئة من حيث عدد العناصر (مثل تقسيمه الثقافة أعلاه). ثانيا، هذه العناصر تعنتي بالوظائف البشرية والمادية، كما يفترض, من مناقشتنا على التطابق بين الحيز الاجتماعي والحيز المادي، وليس بالإمكان أن نناقش فقط الحيز المادي أو البيئة المبنية.
قبل الحديث عن هذه الأخيرة، يمكن أيضا اعتبار البيئة كمجموعة من العلاقات بين الأشياء، وبين الأشياء والأشخاص، وبين الأشخاص. هذه التقارير يتم فرزها، بوجود نموذج وهيكل : البيئة لم تعد تجمع عشوائي للأشياء والناس بالنسبة للثقافة التي هي تجمع للتصرفات والمعتقدات. كلاهما يسترشد بالأنماط أو النماذج التي تنظم حياة الناس والقواعد على حد سواء.
هذه النماذج والنظم لها خصائص مشتركة، والتي تظهر بجلاء في الحالات العامية والبدائية. في حالة البيئة, التقارير، وليس حصرا على الأماكن, هي أشياء وأشخاص ذات صلة من خلال درجات مختلفة من الفصل في المكان. ولكن عندما كان هناك تخطيط للبيئات، جرى ترتيب أربعة عناصر : الاتصالات، والزمن والفضاء والمعنى. لغرض المناقشة موضوع الشكل, المكان والوسيلة هم أهم، ولكن سنناقش باختصار الاتصالات والوقت.


الآثار المترتبة على توسيع نطاق العينة
مقاصد البيئة المبنية
الخاتمة
ومن الواضح أن جميع العمليات التي نوقشت كانت تعمل بكفاءة في مختلف المجموعات المتجانسة التقليدية الصغيرة التي تشترك في قيم العالم ووجهات النظر، وأساليب الحياة، ومتفقة على معنى الأفكار والسلوكيات المناسبة. على سبيل المثال، امرأة الكونغ(Bushman)في خمس واربعين دقيقة فقط تستطيع بناء مأوى. ولكنة ليس مجرد بناء لمأوى حيث وضع العصي كرمز لمدخل دون المأوى. وهذا يتيح الأسرة الانتقال ومعرفة ما هم الجزء المخصص للرجل أو للمرأة بالنسبة لموقع النار وهذا يتيح للآخرين معرفة المسكن بالنسبة للمخيم. عدم التكرار المتزايد للمعلومات يسهل تحقيق الانسجام بين الشكل المادي والسلوك. كما أنه يجعل من الأسهل تعليم الأطفال السلوك المناسب من خلال البيئة. في الوقت نفسه، فإن هذه المجموعة من البيئات لها تفاعلية أكثر في التواصل بشكل أكثر وضوحا. مثلاً في أكواخ الأقزام بوتي، تغيير نسبة الأبواب، وجود أو عدم وجود الأسوار'، يعرب عن العلاقة بين الأشخاص. عندما المجموعة تكون صغيرة يسهل معرفة من هو غاضب أو راضي، وهذا لأن البيئة العمرانية حساسة وذات معاني واضحة. هذه الأهمية الكبيرة جاءت من حقيقة أن الجماعات الكبيرة أقل معرفة عن بعضها البعض، وكما في الوقت نفسه، الكثير من الاعتبارات- مثل الملابس وقصات الشعر وندب الوجه وما إلى ذلك – اختفت أو خسرت قدرتها على توصيل موضعية الناس في المجتمع. وبهذه الظروف أصبحت الاعتبارات الأخرى – البيئة من ضمنها- أكثر أهمية. منذ أن أصبحت البيئة أقل استجابة, والتواصل أقل فاعلية، وبالتالي أصبح الفائض عظيما وبالتالي الاعتبارات أقل دقة. هنا مفتاح السؤال حول السبب من البيئة المبنية والتغييرات المتزايدة في المنظومات. تطوير العناصر الفيزيائية ضروري لتحقيق أعلى فائض وبذلك اتصال أكثر فاعلية وتطوير المنظومات المتخصصة وذلك بتقييد مدى السلوك بأي منظومة، وأيضا مساعدة هذه المنظومات في التواصل وذلك بتقليل الغموض المحيط بها. هذا هو الدرس المهم في المحددات الثقافية في الشكل (form) كما تم فهمه من خلال معايير العمارة العامية أو الدارجة. وعلى الرغم من أهمية هذا النمو في البيئة المبنية، إلا أن كفاءتها في هذه العملية ضعفت بشكل كبير، من الواضح أن بيئاتنا حققت هذه الوظائف بدرجة أقل بكثير مما كانت عليه في البيئات البدائية والعامية. وتحليل البيئات العامية يظهرها بوضوح،، ويظهر ايضا أن دراسة أصول البيئات العامية أو البدائية أصبحت ملحة جدا لتطوير النظرية الفعالة بين البيئة والإنسان.

مصادر


آخر تعديل لهذه الصفحة  يوليو 2011
-  A cura di Hasan ISAWI- https://www.academia.edu/
--------------------------------------------------------------------------------

الجمعة، 6 سبتمبر 2019

العمارة حركة



يجب على العمارة سواء من الخارج او من الداخل ان لا تحارب الزمن  بل يجب ان تكون معه  ضد الرغبة في تعليب الصيرورة، لأن "تجربة المكان حركية وتستند اولا على القدرة على تنظيم الزمن ، وثانيا على إدراك أنه لا يحتوي على شكل واحد ثابت ومستقر، بل على جميع الأشكال"
مثلا  الإحساس بالحركة كانت منشأ مشروع  "المنزل الدوار". الذي يدور على نفسه في تسع ساعات ، لمتابعة قوس الشمس والاستمتاع بالمناظر الطبيعية.
ومثال آخر  الحل المزدوج للمسار الذي اعتمده لو كوربوزييه في فيلا سافوي: الدرج الحلزوني ، الذي يصعد باتجاه عقارب الساعة - والمنحدر المستقيم بشاحطين يصعدان عكس اتجاه عقارب الساعة، يخلقان حركة بين الأشخاص الذين يتبعون المسارين.



http://www.3dstudiorender.eu/wp-content/uploads/2016/10/scale-villa-savoye-parigi.jpg

الأربعاء، 4 سبتمبر 2019

الخوف من الفراغ

فكرة الخوف من الفراغ تجعلنا نملأ المنازل باللوحات والصور. وهكذا يبدو أن فلسفة أدولف لوس أدت  إلى النقيض من ذلك، أي الى عملية التطهير المهووس لكل فائض شكلي، الذي جعلنا نخلع عن الجدران جميع الصور ، حتى نصل إلى نظافة أولية ، كما لو شكلت تلك العملية انعكاسا للنقاء الأخلاقي .

يمكن لهذا النهج ، الذي نجده في العديد من الأمثلة المعاصرة ، أن يؤدي الى نوعا من الجمود الإبداعي كما لو كنا نلغي بعض الإمكانيات الشكلية في نوع من العقوبة الذاتية للذوق المعماري.  ويبدو  أن هناك دافع غامض  يمنع المعماري من التعبير عن نفسه بملء حرية الأشكال والألوان.

في هذا النوع من العمارة يمكننا أن نشعر بصمت الضوضاء ، وقلة التردد ، والاحساس...

 الآن ، وبقدر عدم  اعتبار العمارة تعبيرا مجنونا وغير منطقيا ، بقدر صعوبة الاعتقاد انها عقلانية مبرمجة  تستبعد  أي لهفات عاطفية

وإذا بدا اليوم أن هناك نوعًا من الخجل في الحديث عن الطبيعة الفنية للعمارة، فهذا يعود الى  عدة أسباب. منها إرث التجربة الوظيفية والعقلانية الطويلة التي ادرجت "الوظيفة" كمولد للشكل المعماري وبالتالي لمعنى العمارة.

وفي النهاية نعود دائمًا إلى مفهوم واحد "الشكل يتبع الوظيفة" ، والذي لا يزال صالح اليوم في الثقافة المعمارية. ولكن العقلانية لا تمثل الحقيقة المطلقة ، ويمكن ملاحظة ذلك في تطور أعمال  بعض أسياد الحركة الحديثة ، في التغلب على المواقف العقلانية . كتصميم لو كوربوزييه  في كنيسة رونشامب.

 ولكن العقلانية لا تمثل الحقيقة المطلقة ، ويمكن ملاحظة ذلك في تطور أعمال  بعض أسياد الحركة الحديثة ، في التغلب على المواقف العقلانية . كتصميم لو كوربوزييه  في كنيسة رونشامب. 

إن العقلانية الوظيفية التي ولدت وتغذت كمعارضة للشكل في حد ذاته، انتهت بتطبيق مخططات شكلية خالية تماما من المعنى. والمفارقة هنا هي ان  تتحول العقلانية غير المفهومة ثقافياً وتكنولوجيًا  إلى "شكليات عقلانية".

منذ ستينيات القرن العشرين فصاعدًا ، نشأت أزمة الوظيفية ، التي  أعادت تدريجيًا مسألة الشكل وبالتالي معناه كشيء خارجي عن العلاقة التبادلية بين الشكل والوظيفة.
وهكذا ، استعادت  العمارة المحفزات المحلية ، والخبرات البشرية الفردية ، والتاريخ الإقليمي ، والذاكرة الثقافية ، وروح الموقع ، وانهيار الإيديولوجيات ، وما إلى ذلك
كل هذا في تلك الفترة القصيرة التي أطلق عليها "ما بعد الحداثة".
وفي الآونة الأخيرة ، مع الحركة التفكيكية ، انتقلنا خطوة أخرى إلى الأمام ، فمن ناحية تم استعادة بعض الموضوعات الموجودة بالفعل في العقلانية ، مثل الجماليات المعادية للكلاسيكية ، ومن ناحية أخرى ظهرت مسارات جديدة للتحقق كعدم التماثل ، والشك ، وعدم الأمان في نهاية هذه الألفية. أو بالأحرى ، شكل جديد من "الرعب من الفراغ" ، والذي يتجاوز الغرفة الفارغة والورقة البيضاء...
إنه الخوف من عدم وجود جذور في ثقافة الفرد ، والخوف من فقدان التاريخ والذاكرة.

https://archifia.blogspot.com/2019/09/blog-post.html